كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

ذكروه فوق منابر وبسكة ... رقموا اسمه في ظاهر الاثمان
والأمر والنهي المطاع لغيره ... ولمهتد ضربت بذا مثلان
يا للعقول أ يستوي من ق ... ال بالقرآن والآثار والبرهان
ومخالف هذا وفطرة ربه ... اللّه أكبر كيف يستويان
الشرح:
وهم الذين ورثوا علم النبوة وحملوا أمانته على حين باء أعداؤهم بالنقصان والحرمان لما أعرضوا عنه ورفضوه، واذا حمل الغرور العقلي أعداءهم أن يستهينوا بالنص، ويتكبروا عن قبوله بسبب ما هم فيه من خسار وضلال، تراهم هم جد حريصين على التمسك به واحترامه فهم ليسوا كمن نبذ الكتاب وراء ظهره فلم يحسن تدبره، ولم يحكم تلاوته مقلدا في ذلك من سبقه من شيوخه، فان هؤلاء لم يؤمنوا الا بألفاظ الكتاب يرددونها بلا فهم ولا تدبر ولا يأخذون دينهم منها بل هي عندهم معزولة عن افادة العلم، ولا يرجعون في ذلك الا الى حاكم العقل يستفتونه في كل ما يجب اثباته ونفيه، فصار الكتاب عندهم لا حكم له الا في الاسم فقط، وأما في الحقيقة فالحكم لغيره فهو كأبي الربيع خليفة السلطان يهتف باسمه على المنابر، ويرقم اسمه على وجه النقود، ومع ذلك فليس له في الامور حل ولا عقد بل الأمر والنهي في يد غيره.
فيا عجبا لعقول هؤلاء، كيف ضلت حتى استوى عندها من دان بالكتاب والسنة وبرهان العقل والفطرة، ومن خالف ذلك جملة، اللّه أكبر كيف استوى عندهم الأعمى والبصير، أم كيف استوت الظلمات والنور؟ ان هذا لهو الضلال الكبير.
بل فطرة اللّه التي فطروا على ... مضمونها والعقل مقبولان
والوحى جاء مصدقا لهما فلا ... تلق العداوة ما هما حربان
سلمان عند موفق ومصدق ... واللّه يشهد أن هما سلمان
فاذا تعارض نص لفظ وارد ... والعقل حتى ليس يلتقيان

الصفحة 382