كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
الا ويطرد كل قول ضده ... فاذا هما اجتمعا فمقتتلان
والناس بعد على ثلاث: حزبه ... أو حربه أو فارغ متوان
فاختر لنفسك أين تجعلها فلا ... واللّه لست برابع الأعيان
من قال بالتعطيل فهو مكذب ... بجميع رسل اللّه والفرقان
ان المعطل لا إله له سوى الم ... نحوت بالأفكار في الأذهان
وكذا إله المشركين نحيته الأ ... يدي هما في نحتهم سيان
لكن إله المرسلين هو الذي ... فوق السماء مكون الأكوان
تاللّه قد نسب المعطل كل من ... بالبينات أتى الى الكتمان
واللّه ما في المرسلين معطل ... نافي صفات الواحد الرحمن
كلا ولا في المرسلين مشبه ... حاشاهم من افك ذي بهتان
فخذ الهدى من عبده وكتابه ... فهما الى سبل الهدى سببان
الشرح:
واذا ثبت أن هذه الثلاثة من الفطرة والعقل ونصوص الشرع متساندة متعاضدة يؤيد بعضها بعضا، وهي متضافرة على اثبات الصفات، فان العداوة والمنافاة قائمة على أشدها بين قول الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وبين قول الجهم امام التعطيل، فليس يجتمعان في قلب موحد، حتى يجتمع فيه الماء والنار، فهما ضدان متعاندان لا يمكن أن يجتمعا في محل واحد، فاذا هما اجتمعا فلا بد من وقوع حرب بينهما. والناس حينئذ على أقسام ثلاثة، فمنهم من هو من حزب الحق وجنده، فهو يقاتل تحت رايته ويذب عنه أعداؤه، ومنهم من هو حرب عليه يقاتل في صفوف خصومه، ومنهم من هو فارغ اللب من هذه الحرب لا يكترث لها ولا ينتصر لأي الفريقين المتحاربين لتوانيه عن تحصيل ما ينجيه، فيجب على العاقل أن يختار لنفسه بين هذه الفرق الثلاث، فان قال بقول الجهم في التعطيل فقد كذب بما جاءت به جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام، فان أقوالهم كلها متفقة على الاثبات، وقد رضي لنفسه ان يعبد صنما قد نحته بفكره وذهنه، ونسجه بخياله، كما يعبد المشركون أصناما نحتوها بأيديهم من الحجارة.
و أما إله الرسل الذين جاءوا للتبليغ عنه والدعوة الى توحيده، فهو الذي فوق