كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

و تتشقق السماء وتتفتح أبوابها وتمور مورانا شديدا، يعني تتحرك في استدارة، وقيل معنى تمور تتشقق وتصير بعد تشققها كالمهل، يعني دردي الزيت وتكون وردة كالدهان، قيل مثل الأديم الأحمر، وقيل مثل الفرس الورد، أي الأحمر إلى صفرة.
والعرش والكرسي لا يفنيهما ... أيضا وأنهما لمخلوقان
والحور لا تفني كذلك جنة ال ... مأوى وما فيها من الولدان
ولأجل هذا قال جهم انها ... عدم ولم تخلق إلى ذا الآن
والأنبياء فانهم تحت الثرى ... أجسامهم حفظت من الديدان
ما للبلى بلحومهم وجسومهم ... أبدا وهم تحت التراب يدان
وكذلك الأرواح لا تبلى كما ... منه تركب خلقة الانسان
وكذلك عجب الظهر لا يبلى بلى ... تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
ولأجل ذلك لم يقر الجهم ما ال ... أرواح خارجة عن الأبدان
لكنها من بعض أعراض بها ... قامت وذا في غاية البطلان
الشرح:
يريد المؤلف بهذه الأبيات أن يرد على جهم في قوله بالعدم المحض للأشياء كلها يوم القيامة، فيقول ان العرش والكرسي وهما من جملة المخلوقات قد صرحت النصوص ببقائهما دون فناء، وكذلك جنة المأوى وما فيها من حور وولدان ولأجل هذه النصوص المصرحة ببقاء الجنة ونعيمها، ذهب جهم إلى أنها لم تخلق للآن زاعما أنه لا فائدة من وجودها، لأنها انما جعلت دارا للجزاء على الأعمال. وكذلك وردت النصوص بأن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ولا يصيبها ما يصيب الأجسام من البلى والتمزق- وبأن ابن آدم كله يبلي إلا عجب الذنب وهو الذي تنبت منه الأجسام في النشأة ابن آدم كله يبلى الا عجب الذنب وهو الذي تنبت منه الأجسام في النشأة الأخرى- وبأن الأرواح باقية كذلك لا تبلى كما تبلى اللحوم والاجسام، ولأجل هذا أنكر الجهم وجود

الصفحة 39