كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
هذا وثم لطيفة أخرى بها ... سلوان من قد سب بالبهتان
تجد المعطل لاعنا لمجسم ... ومشبه للّه بالإنسان
واللّه يصرف ذاك عن أهل الهدى ... كمحمد ومذمم اسمان
هم يشتمون مذمما ومحمد ... عن شتمهم في معزل وصيان
صان الإله محمدا عن شتمهم ... في اللفظ والمعنى هما صنوان
كصيانة الاتباع عن شتم المعطل ... للمشبه هكذا الإرثان
والسب مرجعه إليهم اذ هم ... أهل لكل مذمة وهوان
وكذا المعطل يلعن اسم مشبه ... واسم الموحد في حمى الرحمن
الشرح:
ومع هذه اللطيفة التي تقدمت هناك لطيفة أخرى يتسلى بها أهل الحق عن شتم هؤلاء المجرمين لهم وبهتهم إياهم مما هم منه براء، وهي أنك تجد المعطل لاعنا لكل من يقول بالتجسيم وتسببه اللّه بخلقه، ولكن هذا اللعن لا يضير أهل الحق، فقد صرفه اللّه عنهم بتطهير عقيدتهم من اعتقاد التجسيم والتشبيه، وإنما يلحق هذا اللعن من يطلق الجسم على اللّه أو يشبهه بخلقه، وذلك كمحمد ومذمم، فإنهما اسمان متقابلان، والثاني منهما هو الحقيق بالشتم والتنقيص، فإذا شتم الكفار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فإنهم لا يضيرونه بشتمهم، فإن شتمهم إنما يلحق مذمما، ولكنه هو محمد لا مذمم، فهو من شتمهم في حصن حصين وحرم مصون وقد صانه الإله عن شتمهم لفظا ومعنى، اما لفظا فبتسميته محمدا، وأما المعنى فبتطهيره عن كل ما يذم ويعاب من العقائد والأخلاق والأعمال، والضمير في قوله هما للفظ والمعنى، ومعنى كونهما صنوان أن أصلهما واحد كما في قوله تعالى: ونَخِيلٌ صِنْوانٌ وغَيْرُ صِنْوانٍ [الرعد: 4] وكما في قوله عليه الصلاة والسلام في شأن عم العباس «أن عم الرجل صنو أبيه».
و كما صان اللّه عز وجل نبيه عن شتم الكفار وتنقيصهم، فقد صان أتباعه عن شتم المعطل للمشبه، فلا يلحقهم من معرته شي ء، بل هو في الحقيقة راجع إلى