كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

منه ولو اجتمعت على حربه الثقلان من أنس ومن جان، ثم هو بعد ذلك يعرض عليهم أن يتوبوا إلى اللّه ويرجعوا إليه من إثم تعطيلهم وجرم إنكارهم، فإن اللّه يقبل توبة من تاب نادما على ما فعل، فمن تاب منكم فإن مآله إلى جنة عرضها السموات والأرض، ومن مات منكم على تجهمه وتعطيله فإن مأواه جهنم وبئس المصير.
فصل في بيان اقتضاء التجهم والجبر والإرجاء للخروج عن جميع ديانات الأنبياء
و اسمع وعه سرا عجيبا كان مكتوما من الأقوام منذ زمان
فأذعته بعد اللتيا والتي ... نصحا وخوف معرة الكتمان
جيم وجيم ثم جيم معهما ... مقرونة مع أحرف بوزان
فيها لدى الأقوام طلسم متى ... تحلله تحلل ذروة العرفان
فإذا رأيت الثور فيه تقارن الجيمات بالتثليث شر قران
دلت على أن النحوس جميعها ... سهم الذي قد فاز بالخذلان
جبر وارجاء وجيم تجهم ... فتأمل المجموع في الميزان
فاحكم بطالعها لمن حصلت له ... بخلاصة من ربقة الإيمان
الشرح:
هذه الأبيات تدل على تمكن المؤلف رحمه اللّه من علم الفلك والهيئة وحساب الجمل، وأنا لست ممن يحذقون هذه الفنون، فلا أحسن أن أعبر عما يريده بهذه الأبيات إلا على سبيل الإجمال، فهو يطلب منا أن نسمع ونعي هذا السر العجيب الذي كتمه في صدره مدة طويلة، ثم أذاعه بعد اللتيا والتي، أي بعد ما سفرت العداوة بينه وبين خصومه، واستعرت المعركة، فأيداه على جهة النصح لهم، وخروجا من عهدة الكتمان ومعرته، وهذا السر هو أن هناك ثلاث جيمات في ثلاث كلمات، هي الجبر والإرجاء والتجهم، فكل جيم منها مقرونة مع

الصفحة 405