كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

شأنه هو الفاطر للكائنات وما دام يقر بأن محمدا رسول اللّه الذي أرسله بالوحي والقرآن، فإن كل ما عدا ذلك ليس إلا ذنوبا لا توقع صاحبها في الكفر. هذا هو معنى الإرجاء عند غلاة المرجئة الجهمية إخوان الشيطان وأهل البهت والكفران، وأما الارجاء الذي ينسب إلى بعض السلف كالحسن البصري وغيره، فمعناه التفويض في أمر مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب منها بمعنى عدم القطع له بشي ء، بل إن شاء اللّه عذبه عليها وإن شاء عفا عنه، فهذا الإرجاء لا يضر بل هو مذهب أهل الحق قابلوا به قول الخوارج إن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب منها فهو كافر مخلد في النار.
فأضف إلى الجيمين جيم تجهم ... وانف الصفات وألق بالارسان
قل ليس فوق العرش رب عالم ... بسرائر منا ولا إعلان
بل ليس فوق العرش ذو سمع ولا ... بصر ولا عدل ولا إحسان
بل ليس فوق العرش معبود سوى ... العدم الذي لا شي ء في الأعيان
بل ليس فوق العرش من متكلم ... بأوامر وزواجر وقران
كلا ولا كلم إليه صاعد ... أبدا ولا عمل لذي شكران
إني وحظ العرش منه كخط ما ... تحت الثرى عند الحضيض الداني
بل نسبة الرحمن عند فريقهم ... للعرش نسبته إلى البنيان
فعليهما استولى جميعا قدرة ... وكلاهما من ذاته خلوان
هذا الذي أعطته جيم تجهم ... حشوا بلا كيل ولا ميزان
الشرح:
عرفنا ما جنته جيم الجبر من نفي مسئولة العبد عن فعله وإلقاء اللوم كله على القدر وما انتهت إليه من التسوية بين الإيمان والكفر والطاعة والمعصية، وعرفنا كذلك ما جنته جيم الارجاء من الإغراء بفعل المعاصي والمنكرات والتراخي وفي أداء الواجبات اتكالا على الإيمان الناقص المبتور، وأما ثالثها وهي جيم التجهم نسبة إلى رأس الفتنة الجهم بن صفوان الترمذي أمام أهل

الصفحة 409