كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

ناراً [نوح: 25] فدل العطف بالفاء على أن دخولهم النار حصل عقيب اغراقهم وأنه قبل القيامة.
و قد صح عنه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال «القبر اما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار» وأنه مر بانسانين يعذبان في قبورهما، فقال: «يعذبان وما يعذبان في كبير بلي» الحديث.
و أما ان كانت روحا مؤمنة فإنها تكون في نعيم دائم إلى يوم البعث، تنعم فيه بالروح بفتح الراء وهو الرحمة والفرح، والريحان قيل هو الرزق الحسن، وقيل النبت المعروف الذي واحده ريحانة.
و أما قول المؤلف (و تصير طيرا سارحا الخ) فهو اشارة إلى قوله عليه السلام فيما رواه الامام أحمد رحمه اللّه «إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه اللّه إلى جسده يوم القيامة» ولكن ليس في الحديث أن روح المؤمن تجني من ثمار الجنة أو تشرب من أنهارها كما ذكر المؤلف وإنما تلك خصوصية الشهداء، فإن اللّه عز وجل يجعل أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، تأكل من ثمارها وتشرب من أنهارها، ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش. قال تعالى: ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران: 169].
و انما استحق الشهداء هذه الكرامة لأنهم بذلوا حياتهم رخيصة في سبيل اللّه فعوضهم اللّه عنها هذه الحياة الكريمة، وعوضهم عن أجسامهم التي قدموها للضرب والطعان طيورا خضرا تحمل أرواحهم في رحبات الجنان.
فالروح بعد الموت أكمل حالة ... منها بهذي الدار في جثمان
وعذاب أشقاها أشد من الذي ... قد عاينت أبصارنا بعيان
والقائلون بأنها عرض أبوا ... ذا كله تبا لذي نكران

الصفحة 41