كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
و أن الملائكة الموكلين بأعمال العباد يصعدون بها على الدوام متعاقبين بالليل والنهار ويعرضونها على رب العالمين، وقد سبق ذكر الحديث الدال على ذلك من رواية أبي هريرة وأن روح المؤمن ترقى بها ملائكة الرحمة حتى يبلغوا بها الرب جل شأنه فتعرض عليه، ثم ترد الى روح وريحان. فسبحان من له العلو كله ذات وقهر وقدرة ورفعة شأن.
وأشهد عليهم أنه سبحانه ... متكلم بالوحى والقرآن
سمع الأمين كلامه منه وأد ... اه الى المبعوث بالفرقان
هو قول رب العالمين حقيقة ... لفظا ومعنى ليس يفترقان
وأشهد عليهم أنه سبحانه ... قد كلم المولود من عمران
سمع ابن عمران الرسول كلامه ... منه إليه مسمع الاذان
وأشهد عليهم أنهم قالوا بأن ... اللّه ناداه بلا كتمان
وأشهد عليهم أنهم قالوا بأن ... اللّه نادى قبله الأبوان
وأشهد عليهم أنهم قالوا بأن ... اللّه يسمع صوته الثقلان
واللّه قال بنفسه لرسوله ... اني أنا اللّه العظيم الشأن
واللّه قال بنفسه لرسوله ... اذهب الى فرعون ذي الطغيان
واللّه قال بنفسه حم مع ... طه ومع يس قول بيان
الشرح:
وليشهدوا عليهم كذلك بأنه سبحانه تكلم القرآن بصوت نفسه كلاما حقيقيا سمعه منه الأمين جبريل عليه السلام، ثم أداه الى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كما سمعه، فهو قول اللّه على الحقيقة لفظه ومعناه لا يجوز القول بأن معناه من عند اللّه. وأما ألفاظه فمن اختراع جبريل أو محمد عليهما السلام الى آخر ما يقوله المفترون الذين جعلوا القرآن عضين، وليشهدوا عليهم كذلك انه سبحانه كلم موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام بكلام حقيقي مؤلف من حروف وأصوات سمعها موسى عليه السلام بأذنه، وعلم أن الذي يكلمه هو اللّه عز وجل