كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
الشرح:
هذا تفريع على ما ذكره من أحوال الروح بعد الموت، وأنها اما في عذاب أو نعيم، والمعنى أن الروح بعد مفارقتها للبدن بالموت تظل حية لا تموت، بل تصير أكمل حالة منها، وهي حالة بالبدن في هذه الدار الدنيا. ويكون احساسها بالعذاب اذا كانت شقية أشد مما نراه ونعانيه من أنواع العذاب المادي المحسوس.
أما القائلون بأن الروح عرض قائم بالبدن فقد أنكروا ذلك كله، إذ ليس عندهم روح تفارق ثم تبقى حية بعد المفارقة، ولكنها عندهم عرض يفنى بفناء البدن كسائر الاعراض فهلاكا لهؤلاء المنكرين لحياة الروح بعد المفارقة وما يجري عليها من شئون بعد ما نطق بذلك الكتاب الكريم والسنة المطهرة. وإن يهلكون بهذا الانكار إلا أنفسهم وما يشعرون؟
وإذا أراد اللّه إخراج الورى ... بعد الممات الى المعاد الثاني
ألقى على الأرض التي هم تحتها ... واللّه مقتدر وذو سلطان
مطرا غليظا أبيضا متتابعا ... عشرا وعشرا بعدها عشران
فتظل تنبت منه أجسام الورى ... ولحومهم كمنابت الريحان
حتى إذا ما الأم حان ولادها ... وتمخضت فنفاسها متدان
أوحى لها رب السما فتشققت ... فبدا الجنين كأكمل الشبان
وتخلت الأم الولود وأخرجت ... أثقالها أنثى ومن ذكران
الشرح:
هذا بيان لكيفية البعث بعد الموت على ما وردت به الآثار الصحيحة وحاصل ذلك أن الناس عند ما ينفخ في الصور النفخة الأولى يصعقون وتسوى بهم الأرض، فإذا أراد اللّه عز وجل اخراجهم بعد الموت للمعاد ألقى على هذه الأرض التي هم في بطنها لا على أرض جديدة غيرها كما يزعم ذلك من يزعمه مطرا غليظا كمني الرجال يتتابع أربعين يوما فتنبت منه أجسام الناس ولحومهم من عجب الذنب، فقد ورد أن ابن آدم كله يبلى إلا عجب الذنب،