كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

باطل بل لتجزي الذين أساءوا بما عملوا وتجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
و رسولك هو كذلك حق أرسلته بالبينات والهدى على حين فترة من الرسل فضلا منك ورحمة. ليخرج الناس من الظلمات إلى النور وليهديهم صراطك المستقيم، اشرح لدينك الحق الذي لا تحريف فيه ولا التواء صدر كل من وحدك في ربوبيتك، فعلم أنك المنفرد بالخلق والتدبير، ووحدك في إلهيتك فعبدك وحدك ولم يجعل لك في العبادة شريكا من خلقك، ووحدك في أسمائك وصفاتك فأثبت لك كل ما أثبته لنفسك أو أثبته لك رسولك من غير تشبيه ولا تمثيل، اشرحه شرحا يصل به إلى أعلى مراتب الإيمان، واجعله ممن يأتمون بوحيك ويتبعون ما شرعته على لسان عبدك ورسولك لا ممن ينقادون لأهل الأهواء وأصحاب الزور والبهتان، وانصر بقلمه ولسانه حزب أهل الحق والإيمان، واكبت به حزب الضلال وفرقة الشيطان، وانهض بوحيك من كان قصده إلى إحيائه ونصرته واعصمه من كيد كل من يريد لإضلاله وفتنته، واضرب بسيف حقك البتار أعناق أهل الزيغ والتبديل والتكذيب والطغيان.
ثم يقسم المؤلف رحمه اللّه على ربه بحق نعمته التي أولاه إياها، وبما جعل قلبه وعاء لعلوم القرآن العظيم، وبما كتب في قلبه من متابعة الهدى حتى قرأ فيه سطور الإيمان، وبما أنقذه من صحبة أرباب الهوى بما مد إليه من أسباب الهدى وحبائل النجاة المستمدة من محكم الفرقان، وبما جعل ربه، بكسر الشين، أي موضع شربه هو المنهل العذب الذي هو أصل الماء وينبوعه الصافي لكل وارد ظمآن، والمراد به الكتاب والسنة، وبما حماه من شرب أهل الضلال الذي هو أسفل الماء تحت نجاسة الأفكار والأذهان، والمراد به علوم أهل الباطل ومذاهبهم، وبما حفظه مما ابتلي به الذين حكموا على ربهم بشرعة الهوى والجهل بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير، حيث طرحوا كتاب اللّه وراء ظهورهم ولم يرفعوا به رأسا، واتبعوا من دونه أقوالا مزخرفة مموهة كلها خرافة وهذيان.
و بما أراه حقيقة البدع المضلة وكيف يلقيها الشيطان في قلوب أوليائه بعد أن يزحزحها لهم وينقشها في أذهانهم، كما يفعل المثال بالصورة التي يصنعها، حيث

الصفحة 428