كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
خطبة القصيدة النونية للإمام ابن القيم
الحمد للّه الذي شهدت له بربوبيته جميع مخلوقاته، وأقرت له بالعبودية جميع مصنوعاته، وأدت له الشهادة جميع الكائنات انه اللّه الذي لا إله الا هو بما أودعها من لطيف صنعه وبديع آياته، وسبحان اللّه وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، ولا إله إلا اللّه الأحد الصمد الذي لا شريك له في ربوبيته ولا شبيه له في أفعاله ولا في صفاته ولا في ذاته واللّه أكبر عدد ما أحاط به علمه وجرى به قلمه ونفذ فيه حكمه من جميع برياته، ولا حول ولا قوة إلا باللّه تفويض عبد لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، بل هو باللّه وإلى اللّه في مبادي أمره ونهاياته، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ولا صاحبة له ولا ولد له ولا والد له، ولا كفؤ له الذي هو كما أثني على نفسه وفوق ما يثني عليه أحد من جميع برياته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من بريته، وسفيره بينه وبين عباده وحجته على خلقه، أرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى اللّه باذنه وسراجا منيرا، أرسله على حين فترة من الرسل وطموس من السبل، ودروس من الكتب، والكفر قد اضطرمت ناره وتطايرت في الآفاق شراره، وقد استوجب أهل الأرض ان يحل بهم العقاب، وقد نظر الجبار تبارك وتعالى إليهم فمقتهم، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب.
و قد استند كل قوم إلى ظلم آرائهم وحكموا على اللّه سبحانه وتعالى بمقالاتهم الباطلة وأهوائهم، وليل الكفر مدلهم ظلامه، شديد قتامه، وسبل الحق عافية

الصفحة 5