كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

و يزعمون أن القول باستوائه على العرش يستلزم أن يكون في جهة وأن يكون العرش حيزا له، وذلك من صفات الأجسام تعالى اللّه عما يقولون علوا كبيرا؟
ولقد وجدت لفاضل منهم مقا ... ما قامه في الناس منذ زمان
قال اسمعوا يا قوم أن نبيكم ... قد قال قولا واضح البرهان
لا تحكموا بالفضل لي أصلا على ... ذي النون يونس ذلك الغضبان
هذا يرد على المجسم قوله ... اللّه فوق العرش والأكوان
ويدل أن إلهنا سبحانه ... وبحمده يلقى بكل مكان
قالوا له بين لنا هذا فلم ... يفعله فأعطوه من الأثمان
الفا من الذهب العتيق فقال في ... تبيانه فاسمع لذا التبيان
قد كان يونس في قرار البحر تح ... ت الماء في قبر من الحيتان
ومحمد صعد السماء وجاوز ال ... سبع الطباق وجاز كل عنان
وكلاهما في قربه من ربه ... سبحانه إذ ذاك مستويان
فالعلو والسفل اللذان كلاهما ... في بعده من ضده طرفان
أن ينسبا للّه نزه عنهما ... بالاختصاص بلى هما سيان
في قرب من أضحى مقيما فيهما ... من ربه فكلاهما مثلان
فلأجل هذا خص يونس دونهم ... بالذكر تحقيقا لهذا الشأن
فأتى الثناء عليه من أصحابه ... من كل ناحية بلا حسبان
الشرح:
أورد الشيخ هنا هذه الحكاية التي تدل على جهل ذلك الجهمي وعدم بصره بمواقع الاستدلال، فقد أراد أن يستدل بقوله عليه السلام «لا تفضلوني على يونس بن متى» على أنه ليس فوق العرش إله، وأن محمدا لم يكن وهو فوق السبع الطباق باقرب إلى اللّه من يونس وهو في جوف الظلمات وهو استدلال فاسد، فان نهيه عليه السلام أمته عن تفضيله على يونس لم ينف أنه أفضل منه في الواقع، وهذا النهي عن التفضيل لا صلة له بالقرب والبعد، وأنما هو إرشاد

الصفحة 70