كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
من هؤلاء ومن يقال لهم فقد ... جاءوا بأمر مالئ الآذان
ولهم علينا صولة ما صالها ... ذو باطل بل صاحب البرهان
أو ما سمعتم قولهم وكلامهم ... مثل الصواعق ليس ذا لجبان
جاءوكم من فوقكم وأتيتم ... من تحتهم ما أنتم سيان
جاءوكم بالوحي لكن جئتم ... بنحاتة الأفكار والأذهان
الشرح:
لما سمع هذا السائل الذي خرج يرتاد لقومه عقيدة يدينون بها كلام أهل السنة والجماعة في إثبات صفة العلو للّه عز وجل، وأنه فوق العرش بذاته، أعجب أيما اعجاب بقوة كلامهم ووضوحه، وامتلأت به نفسه، فذهب يسأل عنهم رفقاءه وأهل هواه من أصحاب جهم، وحزب ذلك القائد المغولي الجبار، المسمى بجنكيزخان، والمراد بهم نصير الدين الطوسي وأمثاله من أذناب المتفلسفة، فقال لهم من هؤلاء وبما ذا يسمون، فإنهم قد جاءوا بأمر عجيب يملأ الآذان والقلوب روعة وجلالا ولهم علينا صولة لا يمكن أن يصولها ذو باطل بل لا تكون إلا لصاحب الحجة والبرهان، فهذه أقوالهم وحججهم يرسلونها علينا مثل الصواعق المحرقة في غير جبن ولا خور، وشتان بين كلامنا وكلامهم، فانهم يجيئوننا من فوقنا بالوحي المبين والنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ونحن نجيئهم من تحتهم بنفاية الأفكار وكناسة الأذهان، ومن ذا الذي يسوي بين مستمسك بالوحي المعصوم وبين خابط في دياجير الجهالة ومتاهات الظنون.
قالوا مشبهة مجسمة فلا ... تسمع مقال مجسم حيوان
والعنهم لعنا كبيرا واغزهم ... بعساكر التعطيل غير جبان
واحكم بسفك دمائهم وبحبسهم ... أو لا فشردهم عن الأوطان
حذر صحابك منهم فهم أضل ... من اليهود وعابدي الصلبان
واحذر تجادلهم بقال اللّه أو ... قال الرسول فتنثني بهوان
أني وهم أولى به قد أنفذوا ... فيه قوى الأذهان والأبدان