كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

لحللت طلسمه وفزت بكنزه ... وعلمت أن الناس في هذيان
الشرح:
يقول له انك أنت الذي تصنع الحجاب الذي يحجز بين نفسك وبين مشتهياتها حين تقدر أن فوق السماء إلها يدين الناس ويجزيهم بأعمالهم، ولكنك لو عمدت إلى جحده وانكاره فقلت ما فوق السماء مدبر ولا على العرش إله رحمان ونفيت أن يكون مكلما لعباده، أو متكلما بالقرآن بجميع صيغ النفي، فقلت ما قال قط، ولا يقول أصلا ولا له قول بدأ منه إلى أحد من البشر لكنت بذلك قد وصلت الى السر الذي عجز عنه الكثيرون، ولكنك قد حللت طلسم هذا الوجود وفزت بكنزه، وعلمت أن كل ما يقوله الناس في هذا الباب انما هو تخليط وهذيان.
لكن زعمت بأن ربك بائن ... من خلقه اذ قلت موجودان
وزعمت أن اللّه فوق العرش والكرسي ... حقا فوقه القدمان
وزعمت أن اللّه يسمع خلقه ... ويراهم من فوق سبع ثمان
وزعمت أن كلامه منه بدا ... وإليه يرجع آخر الأزمان
ووصفته بالسمع والبصر الذي ... لا ينبغي الا لذي الجثمان
ووصفته بإرادة وبقدرة ... وكراهة ومحبة وحنان
وزعمت أن اللّه يعلم كل ما ... في الكون من سر ومن اعلان
والعلم وصف زائد عن ذاته ... عرض يقوم بغير ذي جثمان
الشرح:
يلتفت هذا المتحلل الزنديق الى صاحبه ويتخيله رجلا من أهل الاثبات، فيقول له: أنك بدلا من أن تلجأ إلى الانكار الذي يريح نفسك ويحط عنها أثقالها، زعمت أن ربك موجود، وأنه منفصل عن خلقه، حين ذهبت إلى أن هناك موجودين اللّه والعالم، وأن لكل منهما وجوده الخاص المباين لوجود الآخر. وزعمت أن اللّه فوق العرش بذاته وأن الكرسي موضع قدميه- كما روي عن ابن عباس وغيره.

الصفحة 81