كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

غَضَبِي ومَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى [طه: 81]. وهو في القرآن والسنة كثير. وقوله في البيت الذي بعده: وزعمت أن اللّه يسمع صوته، إشارة إلى ما ورد في الأثر من أن اللّه عز وجل ينادي يوم القيامة بصوت يسمعه أهل الموقف، فيقول: أنا الديان، اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم.
و أما قوله: وزعمت أن اللّه يشرق نوره، البيت فهو اشارة إلى الآية الكريمة وأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها ووُضِعَ الْكِتابُ وجِي ءَ بِالنَّبِيِّينَ والشُّهَداءِ وقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ [الزمر: 69] وقوله في البيت بعده: وزعمت أن اللّه يكشف ساقه الخ فهو اشارة إلى قوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ويُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [القلم: 42] وقد جاء في الحديث «ان اللّه عز وجل يكشف عن ساقه فيخر أهل الموقف سجدا على الأذقان» الا المشركين فإنهم يدعون الى السجود فلا يستطيعون فتصير ظهورهم طبقا واحدا.
و قوله: وزعمت أن اللّه يبسط كفه، فهو اشارة إلى قوله عليه السلام «أن اللّه يبسط يده بالليل ليتوب مسي ء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسي ء الليل».
و قوله: وزعمت أن يمينه الخ، البيت اشارة إلى قوله عز وجل: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ [الأنبياء: 104] مع قوله: والسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر: 67]. والحاصل أن هذه الأبيات السابقة تضمنت اثبات صفات الرضى والغضب والنداء بالصوت والنور والساق والكف واليمين، وكلها صفات موجودة في المخلوق.
وزعمت أن اللّه ينزل في الدجى ... في ثلث ليل آخر أو ثان
فيقول هل من سائل فأجيبه ... فأنا القريب أجيب من ناداني
وزعمت أن له نزولا ثانيا ... يوم القيامة للقضاء الثاني
وزعمت أن اللّه يبدو جهرة ... لعباده حتى يرى بعيان
بل يسمعون كلامه ويرونه ... فالمقلتان إليه ناظرتان

الصفحة 86