كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

الأقران النزال النزال، وهو في الملجأ والمغارات، والمدخل مع الخوالف كمين وإذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد فوق التل مع الناظرين، ينظر لمن الدائرة ليكون إليهم من المتحيزين، ثم يأتيهم وهو يقسم باللّه جهد أيمانه اني كنت معكم وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين، فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة أن لا يبيعها بأبخس الأثمان، وأن لا يعرضها غدا بين يدي اللّه ورسوله لمواقف الخزي والهوان، وأن يثبت قدميه في صفوف أهل العلم والإيمان، وأن لا يتحيز إلى مقالة سوى ما جاء في السنة والقرآن، فكأن قد كشف الغطاء وانجلى الغبار وأبان عن وجوه أهل السنة مسفرة ضاحكة مستبشرة، وعن وجوه أهل البدعة عليها غبرة ترهقها قترة، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
قال ابن عباس تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة والضلالة، فو اللّه لمفارقة أهل الأهواء والبدع في هذه الدار أسهل من موافقتهم إذا قيل: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأَزْواجَهُمْ [الصافات: 22].
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وبعده الإمام أحمد: أزواجهم: أشباههم ونظراؤهم، وقد قال تعالى: وإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [التكوير: 7] قالوا فيجعل صاحب الحق مع نظيره في درجته، وصاحب الباطل مع نظيره في درجته، هنالك واللّه يعض الظالم على يديه إذا حصلت له حقيقة ما كان في هذه الدار عليه، يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا.
فصل:
وكان من قدر اللّه وقضائه أن جمع مجلس المذاكرة بين مثبت للصفات والعلو وبين معطل لذلك، فاستطعم المعطل المثبت الحديث استطعام غير جائع إليه ولكن غرضه عرض بضاعته عليه، فقال له ما تقول في القرآن ومسألة الاستواء؟ فقال المثبت: نقول فيها ما قاله ربنا تبارك وتعالى وما قاله نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم، نصف اللّه تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل، بل نثبت له سبحانه ما أثبته لنفسه من

الصفحة 9