كتاب شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية (اسم الجزء: 1)

واقرأ قوله:
ولقد حفظت وصاة عمي بالضّحا … إذ تقلص الشّفتان عن وضح الفم
في حومة الحرب ...
لما رأيت القوم ...
يدعون عنتر والرماح كأنّها … أشطان بئر في لبان الأدهم
ما زلت أرميهم ..
فازورّ من وقع القنا ..
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ...
فكل هذه الأبيات متعانقة تأخذ برقاب بعضها البعض؛ لأنها تؤدي معاني متسلسلة، وكل بيت يمثل حلقة.
واقرأ مطولات «المفضليات» واقرأ ما كتبه المحققان أحمد محمد شاكر وعبد السّلام محمد هارون، تحت عنوان «جوّ القصيدة» فإن هذا الجوّ يشعرك بالرابط النفسي، والرابط المعنوي بين أبيات القصيدة وأجزائها مهما كانت طويلة.
وقد وضع المرزوقي في مقدمة شرحه «الحماسة»، معيار الشعر الجيد، مستنبطا من نصوص الشعر العربي فقال: «فالواجب أن يتبيّن ما هو عمود الشعر المعروف عند العرب؛ ليتميز تليد الصنعة من الطريف، وقديم نظام القريض من الحديث، ولتعرف مواطئ أقدام المختارين فيما اختاروه، ومراسم إقدام المزيّفين على ما زيّفوه، ويعلم أيضا فرق ما بين المصنوع والمطبوع ... فنقول، وبالله التوفيق:
إنهم كانوا يحاولون شرف المعنى وصحته، وجزالة اللفظ واستقامته، والإصابة في الوصف، ومن اجتماع هذه
الأسباب الثلاثة، كثرت سوائر الأمثال وشوارد الأبيات والمقاربة في التشبيه، والتحام أجزاء النظم والتئامها على تخير من لذيذ الوزن، ومناسبة المستعار منه للمستعار له، ومشاكله اللفظ للمعنى، وشدة اقتضائها للقافية حتى لا منافرة بينهما. فهذه سبعة أبواب هي عمود الشعر، ولكل باب منها معيار».

الصفحة 16