كتاب شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية (اسم الجزء: 1)

به، فمن أين لأبي حيّان ما ذكر من التأويل الفاسد.
ب - إن الحديث النبوي رواية ودراية، والرواية من أهم شروطها: معرفة رجال الإسناد، ومعرفة الصفات القادحة في رجال السند. والدراية تتطلب فهما في فقه الحديث والسنة النبوية، ومعاني القرآن، وآيات التشريع، والحلال
والحرام، والمباح والمكروه. وهذه أمورد يفقدها علماء العربية؛ لأنهم لم يتفرغوا لها، ولذلك لم يحتجوا بألفاظ الحديث، لعدم قدرتهم على التمييز، فخشوا أن ينقلوا حديثا، يقدح أهل العلم بالحديث فيه.
ج - أما قولهم؛ بوقوع اللحن فيما روي من الحديث، لروايته بالمعنى من قبل من لم يكونوا عربا بالطبع .. فهذا كذب على الحديث، وإنما يقع اللحن - إن وقع - في الحديث الموضوع، وربما وقع بسبب تصحيف النساخ في بعض الأحاديث الصحيحة، فإذا قوبل على الأصول الأخرى ظهر التصحيف. بل ربما ظنّه بعضهم لحنا؛ لأنه لم يطلع على اللغة التي جاء بها الحديث.
روى الزبيدي في طبقات النحويين (ص 66) قال: لزم سيبويه حلقة حماد بن سلمة بن دينار (.. - 167 هـ) فبينا هو يستملي على حمّاد قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ليس من أصحابي إلا من لو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء». فقال سيبويه: «ليس أبو الدرداء» بالرفع. وظنه اسم ليس، فقال حماد: لحنت يا سيبويه ليس هذا حيث ذهبت، وإنما «ليس» هاهنا استثناء. فقال: سأطلب علما لا تلحنّي فيه. فلزم الخليل فبرع.
هذا، ولم يذكروا شاهدا للاستثناء ب «ليس» إلا الحديث السابق، والحديث «ما أنهر الدّم، وذكر اسم الله عليه، فكلوا، ليس السنّ والظّفر».
د - أما قولهم إن الحديث روي بالمعنى: فهذا ليس صحيحا؛ لأنه ثبت أن كتابة الحديث بدأت في العهد النبويّ، وإن لم تكن عامّة، ولكن الكتابة كانت موجودة، وانظر «كتاب العلم» في صحيح البخاري تجد أدلة لا تنقض على كتابة الحديث في العهد النبوي.
هـ - وعلى فرض رواية الحديث بالمعنى، فإن الذين رووه بالمعنى هم الصحابة

الصفحة 25