كتاب شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية (اسم الجزء: 1)

عنده ما ناله من المكاره في المسير، بدأ في المديح، فبعثه على المكافأة ...».
وفيما نقله ابن قتيبة، وصف لمنهج القصيدة العربية وخطواتها، وتفسير لهذا المنهج:
أ - جعل مطلع القصيدة ذكر الديار ليكون سببا لذكر أهلها.
ب - ثم وصل ذلك بالنسيب ليميل نحوه القلوب، لما جعل الله في تركيب العباد من محبة الغزل وإلف النساء.
ج - ثم رحل في شعره وشكا النصب وحرّ الهجير وإنضاء الراحلة والبعير ليوجب على الممدوح حقّ الرجاء.
د - المدح.
* وعلى ما نقله ابن قتيبة ملاحظات:
الأولى: جعل مطلع القصيدة العربية الملتزم، هو ذكر الديار ... وقد ذكرنا قبل قليل أمثلة لقصائد لا تبدأ بالأطلال. ومن يبدأ من الشعراء بتمهيد لموضوع القصيدة، فقد يبدأ بذكر الديار، وقد يبدأ بوصف الخمر، كما في معلقة عمرو بن كلثوم، وقد يبدأ بالغزل دون ذكر الأطلال كما في قصيدة الأعشى:
ودّع هريرة إن الركب مرتحل … وهل تطيق وداعا أيها الرجل
وبدأ كعب بن زهير قصيدته المشهورة بقوله:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول … متيّم إثرها لم يفد مكبول
الثانية: جعل ذكر الديار سببا لذكر أهلها ... وهذا يوحي بأن الشعراء اصطنعوا ذلك ولم يكن تعبيرا عن خلجات النفس المتصلة بالذكريات الجميلة. والحق أن الديار ومن فيها، أو من كان فيها شيء واحد لا يتجزأ، فالديار تذكر بالعيش فيها والأحباب يذكّرون بالديار. فالشاعر الجاهلي، أو الشاعر البدوي الكثير الارتحال إنما يعبر عن لواعج حقيقيّة، ولم يكن يصطنع أطلالا في خياله، كما فعل الشعراء الحضريون المقلدون ساكنو الحواضر في العصر العباسي، ولذلك فإننا نجد الشعراء

الصفحة 35