كتاب توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام (اسم الجزء: 1)
ويتذكر يوم القضاء والفصل الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وأن الذي بيده من القضاء يزول ولا يدوم يماثله ما بيد من ولاه من الملوك والسلاطين. وإنما القضاء الحقيقي لله رب العالمين يقص الحق وهو خير الفاصلين. وفي البيت أيضا من المحسنات البديعية براعة الاستهلال وهي أن يأتي المتكلم في أول كلامه بما يشعر بمقصوده فإنه لما كان قصده أن يتكلم في أحكام القضاء ذكر وصفا من أوصاف الله تعالى وهو أنه يقضي ولا يقضى عليه. ولما حمد الله سبحانه وتعالى وأثنى عليه أتبعه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والثناء عليه فقال
(ثم الصلاة بدوام الأبد ... على الرسول المصطفى محمد)
إلَّا أنه فاته ذكر السلام مع الصلاة الذي هو مستحب على أن الجمع بينهما وبين ذكر الآل والصحب وغيرهما ممكن في بيت واحد كقول الشيخ ابن عاشر في المرشد المعين
صلى وسلم على محمد ... وآله وصحبه والمقتدي
وقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى إلى ذلك بقوله العزيز أن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. وخص السلام بالمؤمنين في الآية دون الله والملائكة لأن السلام تسليم النبي صلى الله عليه وسلم عما يؤذيه فلما جاءت هذه الآية عقب ذكر ما يؤذيه والاذاية إنما هي من البشر ناسب التخصيص بهم كذا نقله الشريف العمراني عن بعض الفضلاء ومعنى الصلاة والسلام والرسول والمصطفى واضح وقوله بدوام الأبد متعلق بمحذوف حال من الصلاة أي مؤقتة بدوام الأبد. وآله صلى الله عليه وسلم أقاربه المؤمنون من بني هاشم. ومعنى الفئة الجماعة والمتبعة يجوز فيه كسر الفاء وفتحها والمراد بالفئة المتبعة الصحابة والتابعون وتابع التابعين رضي الله تعالى عنهم أجمعين ولا شك أنهم متبعون بطريقة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته مما شرع لهم من الدين قال عليه الصلاة والسلام خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم الحديث وجملة شرعه عطف تفسير على جملة سنه. فائدة الشرع لغة البيان واصطلاحا تجويز الشيء أو تحريمه أي
الصفحة 12
213