كتاب توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام (اسم الجزء: 1)
به من بيت المال لفقره وكثرة عياله أو دفع ضرر به عن نفسه من غير ارتكاب ما يوجب التحريم أو الكراهية. ويكون مكروها كتوليته لقصد تحصيل جاه من غير انفه على غيره وإلا حرم. والقضاء بالمد أصله في اللغة الحكم قال أبو منصور الأزهري القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقضاء الشيء وتمامه والقضاء الفصل في الحكم انتهى. وقال غيره يرد بمعنى الأمر ومنه قوله تعالى {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} أي أمر ويصح أن يكون بمعنى حكم أي حكم عليكم بذلك تعبدوا أي أوجب عليكم ذلك وألزمكم إياه وهو سبحانه قد يوجب الشيء ويريد خلافه كما أوجب الإيمان وألزمه للعباد وأراد من بعضهم خلافه ولا يصح أن يكون قضاء إمضاء وإرادة لأنه لو كان كذلك لما عبد أحد غيره كما أنه قضى بالموت فليس أحد ينجوا منه لأنه قضاء إمضاء. ويرد بمعنى الإعلام ومنه قضيت لك بكذا أي أعلمتك به. والوحي ومنه قوله تعالى {فاقض ما أنت قاض} وقول الشاعر.
وعليها مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع
والإرادة ومنه فإذا قضى أمرا كان مفعولا. والموت ومنه ليقض علينا ربك. والكتابة ومنه وكان أمرا مقضيا. والفراغ من الشيء ومنه قالوا أنصتوا فلما قضى أي فرغ. قال ابن عرفه بقوله صفة حكمية توجب لوصفها نفوذ حكمه الشرعي ولو بتعديل أو تجريح لا في عموم مصالح المسلمين. فقوله رحمه الله تعالى صفة جنس يشمل جميع الصفات سواء كانت حسية كالبياض والسواد أو معنوية كالعلم والحياة أو حكمية كالطهارة والقضاء. والصفة الحكمية حال تعتبر ذهنا وتقدر موجودة في المحل وإن كانت لا وجود لها في الخارج كالأولين. وإنما تثبت صفة القضاء بتقديم
الصفحة 18
213