كتاب توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام (اسم الجزء: 1)

عمر بن علي اللخمي السكندراني المعروف بابن الفاكهاني ومن افخر ما جاء به الكتاب العزيز في ذكر العلم إعلام الله تعالى نبيه تعظيم منته عليه فقال عز وجل وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما. وقال تعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. إنما يتذكر أولوا الألباب. ومما يدل على فضل العلم عما دونه من سائر الطاعات قصة آدم والملائكة عليهم السلام إذ قال الله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال أني أعلم ما لا تعلمون} لما ذكرت الملائكة من الاسماء وأراد أن يخصه بذلك رفعا لقدره عليهم وتمييزا لصفته على صفتهم ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء أن كنتم صادقين فلما تبين لهم أنهم غير عالمين بما سئلوا عنه قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا فأمر الله تعالى آدم أن ينبئهم فأنبأهم واعلمهم ما لا يعلون فأمروا عند ذلك بإظهار التعظيم له والتفخيم لشأنه بأن يسجدوا له وقيل لهم اسجدوا لآدم فخروا له جميعا ساجدين لم يتخلف عن السجود أحدا إلا إبليس فاستوجب من الله اللعنة إلى يوم الدين. ومما يدل على فضل العلم وفضيلته على ما عداه من الطاعات قصة موسى صلى الله عليه وسلم نجي الله وصفوته الذي اختاره على أهل زمانه قال له أني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي لما علم صلى الله عليه وسلم أن في الأرض من هو أعلم منه رحل في طلبه هذا مع ما آتاه الله عز وجل من العلم فقال تعالى وكتبنا له فب الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء رحل في طلب زيادة علم فقال لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا أي زمنا غير محدود بل يسير أبدا فلو كان فوق العلم رتبة لكانت نفسه الزكية وعقله الاشرف إلى ذلك أشرق وأرغب في تحصيله مما هو دونه وقد تضمنت قصة موسى عليه السلام ابطال قول من يدعي في المكاشفة والاطلاع على الغيوب وتحصيل العلم أنه يؤخذ من ممارسة

الصفحة 4