كتاب التبصرة لابن الجوزي (اسم الجزء: 1)

دِرْيَاقَ السُّمُومِ , قَدْ بَقِيَ الْقَلِيلُ فَبَادِرْ تَحْصِيلَ الْمَرُومِ , هَذَا هَاجِمُ الْمَوْتِ قَدْ تَهَيَّأَ لِلْهُجُومِ.
(يَا فَتِيَّ الْهَمِّ مَعَ كِبَرِهِ ... وَقَلِيلَ الْحَظِّ مِنْ عُمُرِهِ)
(كُنْ مَعَ الدُّنْيَا عَلَى حَذَرٍ ... فَأَمَانُ الْمَرْءِ فِي حَذَرِهِ)
(وَاتَّخِذْ زَادًا لِمُنْتَظِرٍ شَأْنُهُ ... إِزْعَاجُ مُنْتَظِرِهِ)
أَتَجْتَلِي مِنَ الْهَوَى كُلَّ يوم عروسا , وتدير في مجالس الغفلة كؤوسا , وَتَمْلأُ بِالأَمْوَالِ كِيسًا كَبِيسًا , وَتَنْسَى يَوْمًا شَدِيدًا عَبُوسًا , كَمْ تَلْقَى فِيهِ هَوْلا وَكَمْ تَرَى بُوسًا تَخْشَعُ فِيهِ الأَبْصَارُ وَقَدْ كَانَتْ شُوسًا , وَيَنْزَعِجُ لِزَلازِلِهِ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى , وَالْخَلائِقُ لِلْفَزَعِ قَدْ نكسوا رؤوسا , وَجَاءُوا عُرَاةً لا يَمْلِكُونَ مَلْبُوسًا , وَصَارَ كُلُّ لِسَانٍ مُنْطَلِقٌ مَحْبُوسًا , يَا مَنْ تَصِيرُ غَدًا فِي التُّرَابِ مَرْمُوسًا , يَا مَنْ لا يَجِدُ فِي لَحْدِهِ غَيْرَ عَمَلِهِ أَنِيسًا , يَا مَنْ سَيَعُودُ عَوْدَهُ بَعْدَ التَّثَنِّي يَبِيسًا , يَا مُؤْثِرًا رَذِيلا وَمُضَيِّعًا نَفِيسًا , مَنْ لَكَ إِذَا أَوْقَدَ الْمَوْتُ فِي الدَّارِ وَطِيسًا , وَأَخْلَى رَبْعًا قَدْ كَانَ يَجْمَعُكَ مَأْنُوسًا , فَالْبِدَارَ الْبِدَارَ لَقَدْ رَحَلَ لَكَ عِيسًا , وَتُبْ فَالتَّوْبَةُ تَطْرُدُ الشَّيْطَانَ وَمَا يَلْبَثُ الدَّجَّالُ مَعَ عِيسَى.
(أَفِقْ وَابْكِ حَانَتْ كِبْرَةٌ وَمَشِيبُ ... أَمَا لِلتُّقَى وَالْحَقُّ فِيكَ نَصِيبُ)
(أَيَا مَنْ لَهُ فِي بَاطِنِ الأَرْضِ مَنْزِلٌ ... أَتَأْنَسُ بِالدُّنْيَا وَأَنْتَ غَرِيبُ)
(وَمَا الدَّهْرُ إِلا مَرُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... وَمَا الْمَوْتُ إِلا نَازِلٌ وَقَرِيبُ)

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
{وَاللَّهُ يَدْعُو إلى دار السلام} دَارُ السَّلامِ هِيَ الْجَنَّةُ وَفِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ السَّلامَ هُوَ اللَّهُ , وَهِيَ دَارُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ

الصفحة 440