كتاب تاريخ الجزائر المعاصر (اسم الجزء: 1)

منهم. ولقد عملت الصحافة الاستعمارية على تصوير بعض تلك الأحداث على طريقتها المتميزة بتناقض الأخبار وتزييف الحقائق وعلى سبيل المثال نورد نبأ ما وقع في
قرية أولاد فرحة الكائنة على بعد 15 كلم من سور الغزلان نقلاً عن "ليكودلجي" في عددها الصادر بتاريخ 5/ 4/1948. "اجتاح مكتب الانتخاب ما بين 1000 و 1500 من مناضلي حزب الشعب الجزائري. فغادرت مجموعة من الحرس المتنقل سور الغزلان قصد استرجاع النظام والأمن، لكن حوالي 2000 متظاهراً استوقفوا شاحنتهم واعتدوا عليها وعلى ركابها مما جعل الحرس الجمهوري يطلق النار محدثاً سبعة قتلى وكثيراً من الجرحى".
وعلى الرغم من يقظة المناضلين واستبسالهم في المقاومة وفي التصدي لاعتداءات الإدارة الاستعمارية، فإن هذه الأخيرة قد سيطرت كلية على عملية الفرز وزيفت النتائج بحيث أعطت لمرشحيها واحداً وأربعين مقعداً من جملة الستين المخصصة للمجموعة الانتخابية الثانية. أما الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية فإنها لم تأخذ سوى تسعة في حين كان ينبغي أن تفوز بالأغلبية الساحقة وذلك بشهادة السيد فرحات عباس نفسه (49).
إن النتائج، في حد ذاتها، لم تكن هي المعنية بالنسبة لحزب الشعب الجزائري الذي لم يغير سياسته الرافضة للقانون التنظيمي نفسه والتي ظلت، منذ تأسيس نجم شمال إفريقيا، تهدف إلى تقويض أركان الاستعمار وبعث الدولة الجزائرية من جديد. أما ما عدا ذلك فوسائل لابد من توظيفها لتحقيق الغرض الأساسي. ومن هذا المنطلق، فإن الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية تكون، رغم قلة المقاعد التي منحت لمرشحيها، قد أحرزت نجاحاً باهراً تمثل خاصة في تعبئة جماهير الشعب حول البرنامج الإجمالي لحزب الشعب الجزائري وفي تأكد القيادة السياسية لهذا الأخير من ربحها ثقة الأغلبية الساحقة من الجزائريين.
ولأن هدف الحزب السياسي لم يكن هو المشاركة في أشغال الجمعية الجزائرية التي كان يدرك جيداً أنها لن تكون سوى أداة طيعة في خدمة مصالح الكولون، فإن منتخبيه قد تلقوا تعليمات صارمة كي يبذلوا كل ما في وسعهم لتحويل جميع جلسات الجمعية المذكورة إلى مناسبات للتذكير بإرادة الشعب الجزائري في مواصلة النضال ضمن إطار الحركة الوطنية من أجل استرجاع السيادة الوطنية المغتصبة وإقامة الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الاجتماعية ببرلمانها وحكومتها وألوانها الوطنية.

الصفحة 164