كتاب تاريخ الجزائر المعاصر (اسم الجزء: 1)

معياراً للتدليل على إمكانيات المنظمة الخاصة المالية. وبديهي أن طابع السرية يحول دون الاطلاع على حقيقة تلك الميزانية.
ومهما يكن من أمر، بالرجوع إلى ما كتبه المعاصرون والمسؤولون في أعلى هرم المنظمة الخاصة، فإن جل الأسلحة التي استعملت ليلة أول نوفمبر 1954 قد اشتريت سواء من ليبيا أو من الجزائر سنة 1947 وكذلك الشأن بالنسبة للتجهيزات الأولية التي كانت منطلقاً لصناعة المتفجرات.
وعندما تولى السيد حسين آيت أحمد قيادة المنظمة لم يغير شيئاً مما وقع الاتفاق عليه، بل اكتفى بتطويره وإثرائه دون أن يحدث أي انقلاب في مجال التركيبة البشرية. وانطلاقاً مما هو موجود أعد تقريره المطول الذي قدمه في زدين والذي سبقت الإشارة إليه. وبالموازاة مع تحضير التقرير الذي كان موجهاً فقط لأعضاء القيادة السياسية، ودائماً بالتعاون مع مساعديه في قيادة الأركان، وتتمة للتربص الذي أشرف عليه محمد بن الوزداد نفسه، فإن آيت أحمد قد أنجز نشرة خاصة بالتدريب العسكري تشتمل على اثني عشر درساً في كيفية استعمال الأسلحة وخوض حرب العصابات وإعداد الكمائن إلى غير ذلك من فنون الحرب التي يحتاج إليها المناضل في مرحلة الكفاح المسلح. وأعدت قيادة الأركان، كذلك نشرة محدودة التوزيع للتكوين السياسي والإيديولوجي.
وفي عهد السيد آيت أحمد، حرصت قيادة الأركان على ألا يكون التدريب نظرياً فحسب، بل ضبطت مجموعة من العمليات التي تكلف بإنجازها عدد من عناصر المنظمة الخاصة. ومما لا شك فيه أن أهم تلك العمليات هي: الهجوم على بريد وهران (101) والقضاء على أفراد من ميليشيا الباشاغا آيت علي (102)، وإسناد الثائرين في جبال جرجرة وايدوغ والأوراس (103)، ونسف تمثال الأمير عبد القادر في كاشرو (104).
كل هذه العمليات نجحت بدرجات متفاوتة، واتخذت منها قيادة الأركان تجارب يمكن توظيف نتائجها في التخطيط لعمليات المستقبل، لكن ما يسمى بالأزمة البربرية أثرت، سلبياً، على مسار المنظمة الخاصة إذ حرمتها من خدمة عدد من إطاراتها القيادية الذين يأتي السيد حسين آيت أحمد في مقدمتهم.
وإذا كانت تحركات المنظمة الخاصة إلى غاية انتهاء سنة 1949 تنم، في معظمها، على أن الاستعداد للثورة التحريرية تجري على أحسن ما يرام، ولم تتسبب للحزب في مشاكل تذكر، فإن عملية تبسة التي أمرت بها قيادة الأركان ليلة التاسع عشر مارس سنة 1950 قصد إلقاء القبض على المناضل عبد القادر

الصفحة 183