كتاب تاريخ الجزائر المعاصر (اسم الجزء: 1)

خياري المدعو "رحيم" (105) للتحقيق معه في التهمة الموجهة إليه والقائلة إنه عميل لمصالح الأمن الاستعمارية قد أدت إلى اكتشاف التنظيم السري ومكنت الشرطة الفرنسية من القبض على حوالي خمسمائة من أعضاء المنظمة الخاصة (106) بما في ذلك قائد الأركان السيد أحمد بن بلة وبعض مساعديه أمثال جيلالي بلحاج وجيلالي رقيمي وحموبوتليليس وأحمد محساس وأمحمد يوسفي.
إن ما يسمى بالأزمة البربرية هي التي، بطريقة أو بأخرى، أضعفت المنظمة الخاصة وحولتها، بالتدريج، من تنظيم صلب اقترب جداً من الكمال الذي يمكنه من إشعال فتيل الثورة إلى كيان هش ينخر السوس أصوله؛ وعلى هذا الأساس نستطيع القول إن الإدارة الاستعمارية التي خططت لتشتيت وحدة الشعب الجزائري قد نجحت إلى أبعد الحدود، إذ لم تكتفِ بتوجيه ضربات قاضية لصفوف حزب الشعب الجزائري ولكنها تمكنت من تحقيق ما هو أخطر، أي زرع بذور الكراهية والحقد بين أبناء شعب واحد ليس له سوى وحدته للخروج من دائرة التخلف وليحتل المكانة اللائقة به في مصاف الشعوب الحرة والمتقدمة.
هكذا، إذن، عاشت المنظمة الخاصة ثلاث سنوات كاملة استطاعت قيادة الأركان في العامين الأول والثاني أن ترسي قواعد آلة حربية قوية قادرة على نقل النضال الوطني إلى مرحلة العنف الثوري، لكن ذلك لم يحدث ليس لأن الظروف الخارجية لم تكن مواتية كما جاء في كتاب السيد ابن يوسف بن خدة (107) الذي لم يأخذ في الاعتبار أوضاع فرنسا التي لم تكن، هي أيضاً، في نفس القوة التي أصبحت عليها سنة 1954، وإنما لأن الإدارة الاستعمارية تمكنت، بشتى الوسائل، من خرق القيادة السياسية لحزب الشعب الجزائري ودس بعض العناصر المترددة فيها، ولأنها، من جهة أخرى، أحكمت التخطيط لما يسمى بالأزمة البربرية التي كان تفجيرها إيذاناً بالشروع في تفجير الحزب.

التصدي لمحاولات التفجير:
بعد فشل عملية تبسة، تمكنت الإدارة الاستعمارية من العثور على الأدلة والبراهين المادية التي تثبت وجود تنظيم عسكري تابع لحزب الشعب الجزائري، وبواسطة شتى أنواع التعذيب التي تعرض لها المعتقلون الأوائل توصلت مصالح البوليس، بالتدريج وفي ظرف شهرين فقط، إلى نتائج فاقت كل

الصفحة 184