كتاب تاريخ الجزائر المعاصر (اسم الجزء: 1)

الجزائري أنه يرفض بشدة شعارات "الانفصال عن فرنسا" و"الجزائر العربية" لكن "أحباب الديموقراطية" كانت محاولة يائسة لم تجد طريقها إلى جماهير الشعب الجزائري الذي كان مسلماً في أعماقه ويرفض كل أنواع الإلحاد، لأجل ذلك، فإن الأمين العام للحزب الشيوعي السيد عمار أوزقان قد أمر بمحاربة "عصابات الأوباش والأشرار - عملاء الفاشية - الذين يتذرعون بالدين لمكافحة المشروبات الكحولية" (18).
كل هذه المواقف التي لا علاقة لها بالواقع الجزائري والتي لا تخدم مصلحة الجماهير الشعبية هي التي جعلت الجزائريين في معظمهم ينظرون إلى الحزب الشيوعي الجزائري نظرتهم إلى كل تنظيم أجنبي ويرفضون اعتباره واحدة من التشكيلات الوطنية. وكان الشيوعيون بالنسبة للرأي العام الإسلامي (أي الجزائري) أقرب إلى المواطنة والجنسية الفرنسيتين وأكثر التحاماً مع الشيوعيين الفرنسيين الذين تخلوا، نهائياً، عن مبادئ الأممية الشيوعية، وتعاليمها لصالح النضال الوطني الضيق في إطار المقاومة الفرنسية التي كانت تهدف إلى استرجاع الإمبراطورية الاستعمارية والحفاظ عليها بجميع الوسائل.
وعندما وضعت الحرب الإمبريالية الثانية أوزارها وحقق الحلفاء تفوقهم على ألمانيا وأعادوا لفرنسا حريتها وسيادتها، استطاع الشيوعيون الفرنسيون أن يشاركوا، فعلياً، في تسيير الحكومة الوطنية التي أقامها الجنرال ديغول.
واعتبر الشيوعيون الجزائريون ذلك انتصاراً وراحوا يتعاملون مع الإدارة الاستعمارية التي كانت قد رفعت إلى ممثلي الحلفاء "أن الشعب في الجزائر يرفض الانفصال عن فرنسا، وأن تشكيلات الحركة الوطنية لا تمثل سوى نفسها وأنها تعمل في ركاب قوات أجنبية همها إضعاف فرنسا وإرباكها داخلياً حتى لا تتمكن من إعادة البناء بجميع أنواعه".
وللتدليل على خطأ هذه المزاعم وعلى النفاذ المحكم في أوساط الجماهير الشعبية ولتبرهن على أنها الناطق الشرعي باسم الشعب الجزائري الذي صار، في معظمه، يصبو إلى استرجاع سيادته المغتصبة وإقامة الجمهورية الجزائرية بجميع مؤسساتها، فإن الحركة الوطنية قد قررت القيام بنشاط واسع النطاق وحددت، لذلك، فاتح مايو سنة 1945.
ونظراً لما كان لحزب الشعب الجزائري من مكانة فاعلة بين التشكيلات المكونة لتلك الحركة، فإن قيادته هي التي تولت الإعداد المادي والبشري لتنظيم مظاهرات شعبية توظفها للمشاركة في احتفالات الطبقة الشغيلة من جهة

الصفحة 227