كتاب تاريخ الجزائر المعاصر (اسم الجزء: 1)

في إطار الاتحاد الفرنسي، إذ أن الاستقلال لا يعني بالضرورة الانفصال ولنا قدوة في جمهوريات الاتحاد السوفياتي" (41).
ومرة أخرى تقطنت التشكيلات الوطنية للفخ المنصوب لها فرفضت العمل في إطار الميثاق الذي لم يكن سوى وثيقة شكلية غير ملزمة للحزب الشيوعي الذي لم يستطع التخلص من قناعاته القديمة المتجددة والتي تنطلق أساساً من أدبيات السيد موريس توريز.
****
في الفترة ما بين 1947 - 1950 بينما كان الحزب الشيوعي يضبط الخطوط العريضة لمشروع المجتمع الذي يطمح إلى إقامته في الجزائر، ويقدم العروض تلو العروض لاستقطاب أطراف الحركة الوطنية الجزائرية واقناعها بضرورة العمل معه لبناء الجزائر كما يتصورها، كان حزب الشعب الجزائري يستعد، ميدانياً، للكفاح المسلح الذي كان يرى أنه اللغة الوحيدة التي يفهمها الاستعمار والوسيلة الأكثر نجاعة لاسترجاع السيادة الوطنية المغتصبة وبعث الدولة الجزائرية المغيبة منذ سنة 1830.
لقد كان الحزب الشيوعي الجزائري، في تلك الفترة، يعتقد أن شروط بعث الأمة الجزائرية اكتملت وأصبح ممكناً أن يستقل الشعب الجزائري ذلك الاستقلال الذي أشرنا إليه، آنفاً، والذي لا يفهمه غير الشيوعيين لأنه يستلزم عدم الانفصال عن الشعب الفرنسي الذي يجب أن تتضافر جهود الجميع لتتمكن طبقته العاملة
من قيادة الانقلاب الجذري الذي يحول الامبراطورية الفرنسية الاستعمارية إلى اتحاد فرنسي يضم جمهوريات مختلفة الأجناس والأعراق على غرار الاتحاد السوفياتي.
أما حزب الشعب الجزائري فيرى "إن الامبريالية الفرنسية اغتصبت، بواسطة عدوان غاشم، سيادة الأمة الجزائرية التي لم يؤد إلغاء الدولة وسياسة الالحاق والإدماج إلى ضياعها النهائي، ويؤكد أن الوطن الجزائري لم يتوقف لحظة واحدة عن العمل بجميع الوسائل من أجل استرجاع حريته ... وكرامته" (42). وعلى هذا الأساس يوضح حزب الشعب الجزائري أن الهدف الأساسي الذي يرمي إليه يتمثل قبل كل شيء في: "إلغاء السيطرة الامبريالية وتمكين الشعب الجزائري من استرجاع سيادته وبعث دولته الوطنية بكل صلاحياتها ومؤسساتها" (43).
ولم يكن توجه حزب الشعب الجزائري ليخفى على قيادة الحزب الشيوعي

الصفحة 236