كتاب تاريخ الجزائر المعاصر (اسم الجزء: 1)

نوفمبر 1954، فيلجؤون إلى اللوائح التي صادقت عليها اللجنة المركزية في مختلف دوراتها منذ نهاية عام 1949 ويبرزون بالحرف الغليظ العروض التي كانت تقدم من أجل إقامة الجبهة الوطنية الديموقراطية والمواقف الداعية إلى النضال في سبيل الاستقلال والتحرير الوطنيين.
وبالفعل، فإن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الجزائري كانت في كل دوراتها وحتى نهاية عام 1951 تطالب "بمجلس وحكومة جزائريين لتسيير شؤون الجزائريين" (45) وتدعو إلى "أن ينتخب المجلس الجزائري بكيفية ديموقراطية وأن يكون التمثيل فيه نسبياً. أما الحكومة فتنتخب من طرف المجلس وهي مسؤولة أمامه" (46).
وفي تقريره إلى المؤتمر السادس أيام 21 - 22 - 23 فبراير 1952 (47)، ركز الأمين العام للحزب السيد العربي بوهالي على "ضرورة توحيد العمل في أرض الوطن من أجل جزائر حرة مستقلة. معنى ذلك أن الحزب الشيوعي مازال مثل ما كان في السابق يرفض نشاط لجنة تحرير المغرب العربي ويرفض انتساب الجزائر للعروبة والإسلام.
وبتعبير آخر، إن الحزب الشيوعي الجزائري لا يعترف بالجزائر التي تعمل الحركة الوطنية على استرجاع سيادتها واستقلالها وعليه، فإن أطراف الحركة الوطنية، التي كانت تدرك ذلك، لم تكن ترغب في الوحدة معه وكانت تعتبره حزباً أجنبياً.
ولم يكن الحزب الشيوعي الجزائري يرفض عروبة الجزائر وإسلامها فقط، بل إنه كان، أيضاً، يرفض وحدة المغرب العربي، أي أنه كان يرفض كل ما من شأنه أن يبعث الجزائر المعتدى عليها سنة 1830 ويحول دون الاندماج في
الاتحاد الفرنسي والارتباط بالاتحاد السوفياتي.
وكانت أطراف الحركة الوطنية المتمسكة بعروبتها وإسلامها، تندد بالموقف الشيوعي تجاه القضية الفلسطينية التي تعتبرها قضية كل الشعب الجزائري، وبما أن الاتحاد السوفياتي - وصي الأحزاب الشيوعية في العالم - كان ضالعاً في تنفيذ المؤامرة على فلسطين وشعبها، فإن الوطنيين الجزائريين كانوا يعتبرون كل الشيوعيين أعداء للأمة العربية الإسلامية.
وكما أن إطارات الحزب الشيوعي اليوم، يعملون على توظيف مفاهيم الاستقلال والحرية والتحرير بعد إفراغها من محتواها الحقيقي كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فإنهم يحاولون توظيف القمع الوحشي الذي تمارسه الإدارة

الصفحة 241