كتاب تاريخ الجزائر المعاصر (اسم الجزء: 1)

الاستعمارية. وعلى سبيل المثال، فإن الأمين العام السيد العربي بوهالي، في تقريره إلى المؤتمر السادس، يتعرض إلى الاعتقالات العشوائية التي كانت، منذ مارس 1950، تستهدف إطارات ومناضلي حزب الشعب الجزائري فيقول "لم ينج الشيوعيون من الاعتقال. وأن عشرين من بين أعضاء اللجنة المركزية الخمسين قد كان لهم شرف المثول أمام المحاكم الاستعمارية، ومن بينهم: مجدوب بن رحو الذي قاد إضراب العمال الفلاحين في سبتمبر 1951 ومصطفى سعدون الذي كان ينشط ضد الحرب في فيتنام الخ .. " (48) وفي الواقع، لا مجال للمقارنة بين من يعتقل لمشاركته في تنظيم يعد للكفاح المسلح قصد استرجاع الاستقلال الوطني وبين من يلقي عليه القبض بسبب نشاطه النقابي الذي هو في جوهره اعتراف بالأمر الواقع الاستعماري.
إن مؤرخي الحزب الشيوعي، اليوم، يكتفون بالعودة إلى ما كان ينشر باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الجزائري في الفترة ما بين 1949 و1952 ويركزون على المفهوم اللغوي دون إرجاع الوثيقة إلى إطارها التاريخي ودون إخضاعها للمعايير والمقاييس الحقيقية.
فالقارئ الذي يعرض عليه أن الحزب الشيوعي الجزائري أصدر يوم 1/ 11/1953 نداء موجهاً إلى سائر التشكيلات الوطنية الجزائرية من أجل "تشكيل جبهة وطنية ديموقراطية" (49) لا يفهم لماذا بقي ذلك النداء بدون جواب. لكنه عندما يرجع بالتحليل إلى الوثيقة المذكورة يعرف الأسباب التي منعت الوطنيين الجزائريين من أخذه مأخذ الجد ناهيك عن الاستجابة له. ومن أهم تلك الأسباب ما يلي:
1 - إن النداء يتحدث عن جمهورية ديموقراطية جزائرية متعددة الأجناس وكأن الدولة الجزائرية لم تكن موجودة قبل سنة 1830 وبينما يرى حزب الشعب الجزائري أن بعث الدولة الجزائرية لن يكون حقيقة إلا بواسطة الكفاح المسلح لأن الاستعمار لا يفهم لغة أخرى، فإن الحزب الشيوعي يرفض العنف الثوري ويؤكد أن توحيد الجزائريين يكفي لحمل السلطات الاستعمارية على تمكينهم من انتخاب مجلس يمثل الشعب ويكون مؤهلاً للتفاوض مع ممثلي فرنسا حول مستقبل الجزائر وحول العلاقات المستقبلية بين البلدين.
فالطرح الشيوعي، إذن، يعتبر أسلوباً جديداً في النضال متناقضاً تماماً مع أسلوب حزب الشعب الجزائري الذي لم يتوقف، منذ سنة 1938

الصفحة 242