كتاب تاريخ الجزائر المعاصر (اسم الجزء: 1)

إن النداء يشير إلى الجبهة الجزائرية من أجل الدفاع عن الحرية واحترامها ويعتبرها مرحلة هامة وتنظيماً استطاع أن يؤدي دوراً إيجابياً" لكن أطراف الحركة الوطنية يرون أن ذلك التنظيم مُنع من القيام برسالته التي وجد من أجلها بسبب خيانة الحزب الشيوعي الجزائري الذي فضل الاستجابة لأوامر الحزب الشيوعي الفرنسي على الالتزام بقرار القيادة الموحدة، وزيادة على ذلك، فإن النداء يركز، فقط، على مجموعة من المطالب الآنية مثل العفو الشامل، واحترام الحريات الديموقراطية ومساندة المطالب الاقتصادية والاجتماعية وإخراج الجزائر من الحلف الأطلسي ورفض استعمال الجزائريين في الحروب الامبريالية، أما فيما يتعلق بالسيادة الوطنية فيكتفي بالإشارة إلى "إمكانية التفاهم كذلك حول أهداف أسمى مشتركة وخاصة منها ما يتعلق بالآفاق المستقبلية حول جمهورية ديموقراطية جزائرية" (51).
6 - إن أطراف الحركة الوطنية قد فقدوا كل أمل في أن يصبح الحزب الشيوعي الجزائري وطنياً، تأكدوا من ذلك نتيجة مواقفه العدوانية في مايو 1954 وبسبب مشاركته في قمع الجزائريين واعتبار نضالهم في سبيل استرجاع السيادة الوطنية عملاً إجرامياً يستحقون عليه أشد العقوبات، وحتى عندما أتيحت له فرصة الدخول في الصف في صيف 1951، فإنه سرعان ما تراجع وشق عصى الطاعة متسبباً، بذاك، في فشل الجبهة الجزائرية من أجل الدفاع عن الحرية واحترامها كما أشرنا إلى ذلك آنفاً.
7 - إن نداء الحزب الشيوعي الجزائري لم يأت نتيجة نضج أو وعي المناضلين الاطارات بل إنه كان محاولة للتدليل على أن ثمة تقارباً مع حزب الشعب الجزائري الذي كانت لجنته المركزية قد قررت، في دورة سبتمبر 1953، توجيه نداء إلى كل الطاقات الحية في البلاد من أجل تشكيل "المؤتمر الوطني الجزائري" بقصد تمكين كل الجزائريين من انتخاب مجلسهم الوطني
وبعث دولتهم المستقلة، علماً بأن القرار المذكور إنما اتخذ لإيجاد أفضل السبل الكفيلة بتحضير الكفاح المسلح.
هكذا، فالاختلاف مع الشيوعيين جوهري وهو مبني على تناقض في المنطلق وفي الهدف الأسمى، وتباعاً لذلك لا يمكن أن يكون التحالف معهم إلا مرحلياً وحول الأغراض البسيطة العاجلة. وبالنسبة لحزب الشعب الجزائري - في جميع أشكاله - فإن نقاط التلاقي تكاد تكون معدومة مع الحزب الشيوعي

الصفحة 244