كتاب تفسير الراغب الأصفهاني (اسم الجزء: 1)

فالعقل بالجملة يقتضي تجنبه، ولكن لما " ذاك " غير صريح أكده بالآية الأخرى، ومن التخصيص الذي يعد نسخاً قوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} مع قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}، وعلى هذا ما حكى أنه لما نزل قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} شق ذلك على بعض أولي الضرر، فنزل قوله تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} مقروناً بقوله تعالى: {الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، وهذا القدر يدل على كثير مما ذكروه من أمثال ذلك.

(فصل في أنه هل في القرآن ما لا تعلم الأمة تأويله)
اختلفوا في ذلك، فذهب عامة المتكلمين إلى أن كل القرآن يجب أن يكون معلوماً، وإلا أدى إلى بطلان فائدة الانتفاع به وأن لا معنى لإنزاله، وحملوا قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} على أنه عطف على قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} وجعلوا قوله تعالى: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} في موضع الحال كما قال:
الرَّيحُ يَبْكِي شَجْوَهَا ...
وَاْلبرْقُ يَلْمَعُ فِي غَمَامِهِ

الصفحة 33