كتاب السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير (اسم الجزء: 1)

الصوم في السفر قول أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: «كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم» . وقوله تعالى: {ولتكملوا العدّة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} أي: الله على نعمه، علل لفعل محذوف دلّ عليه ما سبق أي: وشرع جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر، وأمر المرخص له بالقضاء، وبمراعاة عدّة ما أفطر فيه ومن الترخيص في إباحة الفطر، فقوله تعالى: {ولتكملوا العدّة} علّة الأمر بمراعاة العدّة، وقوله تعالى: {ولتكبروا} علّة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر، وقوله
تعالى: {ولعلكم تشكرون} علّة الترخيص من تعظيم الله تعالى بالحمد والثناء عليه، ولذلك عدّ نوعاً من اللف والنشر لطيف المسلك. ومعنى التكبير تعظيم الله تعالى بالحمد والثناء عليه، ولذلك عدّي بحرف الاستعلاء لكونه مضمناً معنى الحمد كأنه قيل: ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم، وقيل: تكبير عيد الفطر وقيل: التكبير عند الإهلال، وقرأ شعبة ولتكملوا بفتح الكاف وتشديد الميم والباقون بسكون الكاف وتخفيف الميم.

تنبيه: ورد في فضل شهر رمضان وثواب الصائمين أخبار منها ما رواه أبو هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل رمضان صفدت الشياطين ومردة الجنّ وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة» ومنها ما رواه أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه» .
ومنها ما رواه سلمان قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: «أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوّعاً، من تقرّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدّى فريضة فيما سواه ومن أدّى فيه فريضة كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه الرزق؛ من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذْقَة لبن أو تمرة أو شربة من ماء، ومن سقى صائماً سقاه الله عز وجل من حوضِي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، وهو شهر أوّله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غنى لكم عنهما فأمّا الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، وأمّا اللتان لا غنى لكم عنهما: فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار» .
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، الصوم جنة» .
وعن سهل بن سعد أنه قال: قال رسول الله صلى

الصفحة 121