كتاب السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير (اسم الجزء: 1)

أي: إذا حاسب فحسابه سريع لا يحتاج إلى عقد يد ولا وعي صدر ولا روية فكر، قال الحسن: أسرع من لمح البصر، وفي الحديث: «يحاسب الخلق كلهم في قدر نصف نهار من أيام الدنيا» .
{واذكروا الله} أي: كبروه أدبار الصلوات وعند ذبح القرابين ورمي الجمار وغيرها، {في أيام معدودات} أي: أيام التشريق الثلاثة وسميت معدودات لقلتهن كقوله تعالى: {دراهم معدودة} (يوسف، 20) ، والأيام المعلومات عشر ذي الحجة آخرهن يوم النحر، والتكبير في الأيام المعدودات عقب كل صلاة ولو فائتة ونافلة مشروع في حق الحاج وغيره، لكن غير الحاج يكبر من صبح يوم عرفة إلى عقب عصر آخر أيام التشريق للاتباع، رواه الحاكم وصحح إسناده. وأما الحاج فيكبر من ظهر يوم النحر لأنها أوّل صلاته بمنى، ولا يسن التكبير عقب صلاة عيد الفطر لعدم وروده.

{فمن تعجل} أي: استعجل بالنفر من منى {في يومين} أي: في ثاني أيام التشريق بعد رمي جماره بعد الزوال عند الشافعيّ وأصحابه قال في «الكشاف» وعند أبي حنيفة وأصحابه ينفر قبل طلوع الفجر {فلا إثم عليه} بالتعجيل {ومن تأخر} حتى بات ليلة الثالث ورمى جماره بعد زواله عندنا، أو قال في «الكشاف» : يجوز تقديم الرمي على الزوال عند أبي حنيفة {فلا إثم عليه} بذلك أي: هم مخيرون في ذلك.
فإن قيل: أليس التأخير أفضل؟ أجيب: بأنّ التخيير يقع بين الفاضل والأفضل كما خير المسافر بين الصوم والإفطار، وإن كان الصوم أفضل عند عدم المشقة، وقيل: إن أهل الجاهلية كانوا فريقين: منهم من جعل المتعجل آثماً ومنهم من جعل المتأخر آثماً، فورد القرآن بنفي الإثم عنهما جميعاً، وذلك التخيير ونفي الإثم عن المتعجل والمتأخر {لمن اتقى} الله تعالى في حجه، لأنه الحاجّ على الحقيقة عند الله تعالى، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» .
{واتقوا الله} في مجامع أموركم ليعبأ بكم {واعلموا أنكم إليه تحشرون} في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم.
{ومن الناس من يعجبك قوله} أي: يعظم في نفسك ومنه الشيء العجيب الذي يعظم في النفس، وهو الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة واسمه أبيّ وسمي الأخنس، لأنه خنس يوم بدر بثلاثمائة رجل من بني زهرة عن القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان منافقاً حلو المنظر، حلو الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم يحلف أنه مؤمن به ومحب له، ويقول: يعلم الله أني صادق، وكان رسول صلى الله عليه وسلم يدني مجلسه.
وقوله تعالى: {في الحياة الدنيا} متعلق بالقول، أي: يعجبك ما يقول في أمور الدنيا وأسباب المعاش أو في معنى الدنيا، لأن ادعاءه المحبة بالباطل يطلب به حظاً من حظوظ الدنيا ولا يريد به الآخرة، كما يراد بالإيمان الحقيقي والمحبة الصادقة للرسول صلى الله عليه وسلم فكلامه إذاً في الدنيا لا في الآخرة أو يعجبك قوله في الحياة الدنيا حلاوة وفصاحة، ولا يعجبك في الآخرة لما يرهقه في الموقف من الدهشة واللكنة، أو لأنه لا يؤذن له في الكلام فلا يتكلم حتى يعجبك كلامه.
{ويشهد الله على ما في قلبه} أنه موافق لكلامه {وهو ألدّ الخصام} أي: شديد الخصومة لك ولأتباعك لعداوته لك وقال الحسن: ألدّ الخصام أي: كاذب بالقول، وقال قتادة: شديد القسوة في المعصية جدل بالباطل، يتكلم بالحكمة ويعمل بالخطيئة. وفي الحديث: «أن أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصم» .

{س2ش205/ش210 وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى ا?رْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ? وَاللَّهُ يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِا?ثْمِ? فَحَسْبُهُ? جَهَنَّمُ? وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ * وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ? وَاللَّهُ رَءُوفُ? بِالْعِبَادِ * يَا?أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا? ادْخُلُوا? فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَتَتَّبِعُوا? خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ? إِنَّهُ? لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * فَإِن زَلَلْتُم مِّن? بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُو?ا? أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * هَلْ يَنظُرُونَ إِ? أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَا??ـ?ِكَةُ وَقُضِىَ ا?مْرُ? وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ ا?مُورُ}
{وإذا تولى}

الصفحة 134