كتاب السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير (اسم الجزء: 1)

إسلام غيره أو كاف لناشر من يليه من الكفار أو مانعي الزكاة فيعطى حيث إعطاؤه أهون علينا من بعث جيش وأما مؤلفة الكفار لترغيبهم في الإسلام فلا يعطون من الزكاة ولا من غيرها للإجماع ولأنّ الله تعالى أعز الإسلام وأهله وأغنى عن التأليف. {وفي الرقاب} وهم المكاتبون كتابة صحيحة فيعطون ما يؤدّون من النجوم إن عجزوا عن الوفاء ولو لم يحل النجم لأن قوله تعالى: {وفي الرقاب} كقوله تعالى: {وفي سبيل الله} وهناك يعطى المال للمجاهدين فيعطى للرقاب فلا يشترى به رقاب للعتق كما قيل به: {والغارمين} وهم من لزمتهم الديون وهم ثلاثة أضرب: دين لزمه لمصلحة نفسه، ودين لزمه بضمان لا لتسكين فتنة، ودين لزمه لتسكينها وهو إصلاح ذات البين فمن استدان لمصلحة نفسه أعطى لا إن استدان في معصية إلا إن تاب عنها فيعطى إذا احتاج وكان بحيث لو قضى دينه مما معه تمسكن فيترك له ما يكفيه ويعطي ما يقضي به بقية دينه ويعطى ولو قدر على قضائه بالكسب وكذا المكاتب ويشترط حلول الدين في إعطاء الغريم وإن ضمن لا لتسكين فتنة وهو معسر ملتزم بمال على معسر أعطي ما يقضي به دينه وإذا قضى به دينه لا يرجع على الأصيل وإن ضمن بإذنه وإنما يرجع إذا غرم من عنده ويعطى معسر
ملتزم بمال على موسر بلا إذن من الأصيل لأنه إذا غرم لا يرجع عليه بخلاف ما إذا ضمن بإذنه ولا يعطى موسر ملتزم بمال على موسر وإن ضمن موسر ما على معسر أعطي الأصيل دون الضامن والغارم لإصلاح ذات البين يعطى مع الغني ولو في غير دم ويعطى المستدين لقرى ضيف وعمارة مسجد وبناء قنطرة وفك أسير ونحو ذلك من المصالح العامة عند العجز عن النقد.

{وفي سبيل الله} وهم الغزاة المتطوعون أي: الذين لا رزق لهم في الفيء ويعطون ولو أغنياء إعانة لهم على الغزو وتحرم الزكاة على الغازي المرتزق ولو كان عاملاً فإذا عدم الفيء واضطررنا إلى المرتزق ليكفينا شر الكفار أعانه الأغنياء لا من الزكاة {وابن السبيل} أي: الطريق وهو من ينشىء سفراً مباحاً من محل الزكاة فيعطى ولو كان كسوباً أو كان مسافراً لنزهة ويعطى أيضاً المسافر الغريب المجتاز بمحل الزكاة وإنما يعطيان إن لم يجدا معهما شيئاً يكفيهما لسفرهما وقوله تعالى: {فريضة من الله} نصب بفعله المقدر أي: فرض لهم الصدقات فريضة أو حال من الضمير المستكن في للفقراء.
{والله عليم} أي: بالغ العلم بما يصلح الدين والدنيا ويؤلف بين قلوب المسلمين {حكيم} يضع الأشياء في مواضعها وإنما أضيفت الصدقات إلى الأصناف الأربعة الأولى بلام الملك وإلى الأربعة الأخيرة بفي الظرفية للإشعار بإطلاق الملك في الأربعة الأولى وتقييده في الأخيرة حتى إذا لم يحصل الصرف في مصارفها استرجع بخلافه في الأولى ويجب تعميم الأصناف الثمانية في القسم إن أمكن بأن قسم الإمام ولو بنائبة ووجدوا لظاهر الآية سواء في ذلك زكاة الفطر وزكاة المال وإن لم يمكن بأن قسم المالك إذ لا عامل أو الإمام ووجد بعضهم كأن جعل عاملاً بأجرة من بيت المال فتعميم من وجد منهم وعلى الإمام تعميم آحاد كل صنف من الزكاة الحاصلة عنده إذ لا يتعذر عليه ذلك أو على المالك أيضاً إن انحصر الآحاد بالبلد بأن سهل عادة ضبطهم ومعرفة عددهم ووفّى بهم المال فإن أخل أحدهما بصنف ضمن وإن لم ينحصر أو لم يف بهم المال ويجب

الصفحة 624