كتاب السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير (اسم الجزء: 1)

ثبير والكفار يطلعونه فقال الجبل: انزل عني فإني أخاف أن تؤخذ عليّ فيعاقبني الله بذلك، فقال له جبل حرا: إليّ إليّ يا رسول الله.
وروي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث وإني لأعرفه الآن» .
وروي عن عليّ أنه قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فرحنا في نواحيها خارجاً من مكة بين الجبال والشجر فلم يمرّ بشجر ولا جبل إلا قال: السلام عليك يا رسول الله» .

وروي عن جابر أنه قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سواري المسجد فلما صنع له المنبر فاستوى عليه اضطربت تلك السارية وحنت كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقها فسكتت، وقال مجاهد: لا ينزل حجر من أعلى إلى أسفل إلا من خشية الله ويشهد لذلك قوله تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله} (الحشر، 21) {وما الله بغافل} أي: بساه {عما تعملون} وعيد وتهديد، وقيل: بتارك عقوبة ما تعملون بل يجازيكم به، وقرأ ابن كثير بالياء على الغيبة، والباقون بالتاء على الخطاب.

{س2ش75/ش78 أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا? لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ? مِن? بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا? الَّذِينَءَامَنُوا? قَالُو?ا? ءَامَنَّا وَإِذَا خَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُو?ا? أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ? عِندَ رَبِّكُمْ? أَفَ تَعْقِلُونَ * أَوَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِ? أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِs يَظُنُّونَ}
{أفتطمعون} أي: أفترجون أيها المؤمنون {أن يؤمنوا} أي: اليهود {لكم} أي: لأجل دعوتكم أو يصدّقوكم بما تخبرونهم به {وقد كان فريق} أي: طائفة {منهم} أي: أحبارهم {يسمعون كلام الله} أي: التوراة {ثم يحرّفونه} يغيرونه كنعت محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم، وقيل: هؤلاء من السبعين المختارين الذين سمعوا كلام الله حين كلم موسى عليه الصلاة والسلام بالطور ثم قالوا: سمعنا الله يقول في آخره إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا {من بعد ما عقلوه} أي: فهموه بعقولهم ولم يبق لهم فيه ريبة {وهم يعلمون} أنهم مفترون والهمزة للإنكار أي: لا تطمعوا في إيمانهم فلهم سابقة في الكفر.

{وإذا لقوا} أي: منافقو اليهود {الذين آمنوا قالوا آمنا} بأنكم على الحق وإنّ رسولكم هو المبشر به في التوراة {وإذا خلا} أي: رجع {بعضهم إلى بعض قالوا} أي: رؤساؤهم الذين لم ينافقوا ككعب بن الأشرف وكعب بن أسد ووهب بن يهودا لمن نافق {أتحدّثونهم} أي: المؤمنين {بما فتح الله عليكم} بما بين لكم في التوراة من نعت محمد صلى الله عليه وسلم {ليحاجوكم} أي: ليخاصموكم {به عند ربكم} أي: بما أنزل ربكم في كتابه ويقيموا عليكم الحجة في ترك اتباعه مع علمكم بصدقه جعلوا محاجتهم بكتاب الله محاجة عند الله كما يقال: عند الله كذا، ويراد به أنه في كتابه وحكمه، وقيل: بين يدي رسول ربكم، وقيل: عند ربكم في الآخرة، وقوله تعالى: {أفلا تعقلون} إمّا من تمام كلام اللائمين وهم خلص اليهود وتقديره أفلا تعقلون أنهم يحاجونكم فيحجونكم، وإمّا من خطاب الله للمؤمنين متصل بقوله تعالى: {أفتطمعون} والمعنى: أفلا تعقلون حالهم وأنه لا مطمع لكم في إيمانهم.

{أولا يعلمون} أي: اللائمون أو المنافقون أو كلاهما {إنّ الله يعلم ما يسرّون وما يعلنون} من إسرارهم الكفر وإعلانهم الإيمان وإخفاء ما فتح الله عليهم وإظهار غيره وغير ذلك فيرعووا عن ذلك.
{ومنهم} أي: اليهود {أمّيون} أي: عوام جهلة {لا يعلمون الكتاب} أي: لا يعرفون التوراة أو الكتابة فيطالعوا التوراة ويتحققوا ما، فيها، وقوله تعالى: {إلا أمانيّ} استثناء منقطع، أي: لكن أكاذيب تلقوها من رؤسائهم فاعتمدوها

الصفحة 72