كتاب السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير (اسم الجزء: 1)

وذلك غضب الله تعالى وعلى القول بأنهما رجلان فلا يعلمانه حتى يقولا له: إنا مفتونان فلا تكن مثلنا {فيتعلمون منهما} الضمير لما دل عليه من أحد أي: فيتعلم الناس من الملكين {ما} أي: سحراً {يفرّقون به بين المرء وزوجه} بأن يبغض كلاً منهما في الآخر بسبب حيلة أو تمويه كالنفث في العقد ونحو ذلك مما يحدث الله تعالى عنده الفراق ابتلاءً منه لا أنّ السحر له أثر في نفسه بدليل قوله تعالى: {وما هم} أي: السحرة {بضارّين به} أي: السحر {من أحد} أي: أحداً ومن صلة {إلا بأذن الله} أي: إرادته؛ لأنّ الأسباب غير مؤثرة بالذات بل بإرادته تعالى: {ويتعلّمون ما يضرّهم} في الآخرة {ولا ينفعهم} وهو السحر؛ لأنهم يقصدون به العمل أو لأنّ العلم يجرّ إلى العمل غالباً {ولقد} اللام لام القسم {علموا} أي: اليهود {لمن} اللام لام الابتداء علقت علموا عن العمل ومن موصولة {اشتراه} أي: استبدل ما
تتلوا الشياطين بكتاب الله تعالى {ما له في الآخرة من خلاق} أي: نصيب في الجنة {ولبئس ما} أي: شيئاً {شروا} أي: باعوا {به أنفسهم} أي: الشارين أي: حظها من الآخرة أن يتعلموه حيث أوجب لهم النار {لو كانوا يعلمون} حقيقة ما يصيرون إليه من العذاب ما تعلموه.
وقيل: معناه لو كانوا يعملون بعلمهم فإنّ من لم يعمل بما علم كان كمن لم يعلم.

{س2ش103/ش105 وَلَوْ أَنَّهُمْءَامَنُوا? وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ خَيْرٌ? لَّوْ كَانُوا? يَعْلَمُونَ * يَا?أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا? تَقُولُوا? رَاعِنَا وَقُولُوا? انظُرْنَا وَاسْمَعُوا?? وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا? مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ? وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ? مَن يَشَآءُ? وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
{ولو أنهم} أي: اليهود {آمنوا} بالنبيّ والقرآن {واتقوا} عقاب الله بترك معاصيه كنبذ كتاب الله تعالى واتباع السحر وجواب لو محذوف أي: لأثيبوا دلّ عليه {لمثوبة} أي: ثواب وهو مبتدأ واللام فيه للقسم وقوله تعالى: {من عند الله خير} خبره أي: خير مما اشتروا به أنفسهم {لو كانوا يعلمون} أنّ ثواب الله تعالى خير لما آثروه عليه فجهلهم الله تعالى لترك التدبر والعمل بالعلم.
{يأيها الذين آمنوا لا تقولوا} للنبيّ صلى الله عليه وسلم {راعنا} أمر من المراعاة و «كانوا يقولون ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم فلما سمع اليهود هذه اللفظة من المسلمين وكانت كلمة يتسابون بها عبرانية أو سريانية وهو راعنا قالوا فيما بينهم: كنا نسب محمداً سراً فأعلنوا به الآن فكانوا يأتون ويقولون: يا محمد راعنا وهم يعنون به تلك المسبة ويضحكون فيما بينهم فسمعها سعد بن معاذ ففطن لها وكان يعرف لغتهم فقال لليهود: يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفسي بيده لئن سمعتها من أحد منكم يقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربنّ عنقه فقالوا: أولستم تقولونها فأنزل الله تعالى النهي عن ذلك لكي لا يجد اليهود بذلك سبيلاً إلى شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمروا بما هو في معناها وهو قوله تعالى: {وقولوا انظرنا} » أي: انظر إلينا وقيل: اسمع منا قاله مجاهد وقيل: لا تعجل علينا قاله ابن زيد {واسمعوا} ما تؤمرون به سماع قبول لا كسماع اليهود حيث قالوا: سمعنا وعصينا أو واسمعوا ما أمرتم به بجدّ حتى لا ترجعوا إلى ما نهيتم عنه من قولكم: راعنا {وللكافرين} أي: الذين تهاونوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسبوه {عذاب أليم} أي: مؤلم وهو النار.
ونزل في تكذيب جمع من اليهود يظهرون مودّة المؤمنين ويزعمون أنهم يودّون لهم الخير.
{ما يودّ الذين كفروا من أهل الكتاب} وقوله تعالى: {ولا المشركين} أي: من العرب عطف على أهل الكتاب ومن للبيان؛ لأنّ الذين كفروا جنس تحته نوعان: أهل الكتاب والمشركون كقوله تعالى: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين} (البينة، 1) والمودّة محبة الشيء مع تمنيه ولذلك

الصفحة 83