كتاب التيسير بشرح الجامع الصغير (اسم الجزء: 1)
الدّين (فانظروا) تأملوا (عَمَّن تأخذون دينكُمْ) أَي فَلَا تَأْخُذُوا أَحْكَام الدّين إِلَّا عَمَّن تحققتم أَهْلِيَّته (ك عَن أنس) بن مَالك (السجْزِي) فِي الْإِبَانَة (عَن أبي هُرَيْرَة) // (ضَعِيف) //
(ان هَذَا الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف) أَي سبع لُغَات أَو سَبْعَة أوجه من الْمعَانِي المتفقة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة أَو غير ذَلِك من زعم أَن المُرَاد القراآت السَّبع فقد غلط (فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ) من الأحرف الْمنزل بهَا بأية لُغَة أَو بِأَيّ وَجه من الْوُجُوه أَو بِأَيّ لفظ أدّى الْمَعْنى (حم ق 3 عَن عمر) بن الْخطاب
(ان هَذَا الْقُرْآن مأدبة الله) بِضَم الدَّال أشهر يَعْنِي مدعاته شبه الْقُرْآن بصنيع صنعه الله للنَّاس لَهُم فِيهِ خير ونفع (فاقبلوا من مأدبته مَا اسْتَطَعْتُم) وَله تَتِمَّة عِنْد الْحَاكِم (ك عَن ابْن مَسْعُود) وَقَالَ // (صَحِيح وَتعقب بِأَنَّهُ ضَعِيف) //
(ان هَذَا المَال) فِي الْميل إِلَيْهِ وحرص النُّفُوس عَلَيْهِ كشيء متصف بِأَنَّهُ (خضر حُلْو) بِفَتْح الْخَاء وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة أَي غض شهي يمِيل الطَّبْع إِلَيْهِ كَمَا تميل الْعين إِلَى النّظر إِلَى الخضرة والفم لَا كل الحلو (فَمن أَخذه) مِمَّن يَدْفَعهُ إِلَيْهِ (بِحقِّهِ) لفظ البُخَارِيّ بسخاوة نفس أَي بطيبها من غير حرص (بورك لَهُ فِيهِ وَمن أَخذه بإشراف) بِكَسْر الْهمزَة وشين مُعْجمَة أَي بطمع (نفس) أَي مكتسباً لَهُ بِطَلَب نَفسه وحرصها عَلَيْهِ (لم يُبَارك لَهُ فِيهِ) أَي فِيمَا يَأْخُذهُ (وَكَانَ) أَي الْآخِذ (كَالَّذي) أَي كحيوان بن جوع كَاذِب بِحَيْثُ (يَأْكُل وَلَا يشْبع) فَكلما ازْدَادَ أكلا ازْدَادَ جوعا فَكلما نَالَ مِنْهُ شَيْئا ازدادت رغبته واستقل مَا عِنْده وَنظر إِلَى مَا فَوْقه وَمن فَوْقه (وَالْيَد الْعليا) بِضَم الْعين مَقْصُورا الْمَنْفَعَة أَو المتعففة (خير من الْيَد السُّفْلى) السائلة أَو الآخذة وَالْمَقْصُود أَن الْأَخْذ بسخاء نفس وَعدم حرص مُحَصل للبركة فَمن أَتَاهُ شيىء بِغَيْر استشراف قبله فَلهُ أَخذه فَإِن زَاد على حَاجته تصدق بِهِ وَبِذَلِك يكون تَارِكًا للتدبير وَاقِفًا مَعَ الله تَعَالَى وَمن يردهُ لَا يَأْمَن من دُخُول الْفِتَن عَلَيْهِ والزهو فَفِي أَخذه إِسْقَاط نظر الْخلق تحققاً بالعبودية بِالصّدقِ وَالْإِخْلَاص وَفِي إِعْطَائِهِ للْغَيْر تحقق بالزهد فَلَا يزَال فِي الْحَالين زاهداً (تَتِمَّة) اشْترى أَحْمد بن حَنْبَل دَقِيقًا فَوَافى أَيُّوب الْجمال فَحَمله مَعَه إِلَى بَيته فَوجدَ فِيهِ خبْزًا فَرَآهُ أَيُّوب فَقَالَ أَحْمد لِابْنِهِ صَالح أعْطه رغيفين فردّهما وَذهب فَقَالَ أَحْمد لِابْنِهِ الْحَقْهُ بهما فَفعل فَأَخذهُمَا فَعجب صَالح فَقَالَ أَحْمد لَا عجب استشرفت نَفسه للْخَبَر حِين رَآهُ فردّه فَلَمَّا ذهب أيس فَأعْطِيه فَقبله (حم ق ت ن عَن حَكِيم بن حزَام) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة قَالَ سَأَلت الْمُصْطَفى فَأَعْطَانِي ثمَّ سَأَلته فَأَعْطَانِي ثمَّ ذكره
(ان هَذَا المَال) كبقلة أَو كفاكهة (خضرَة) فِي المنظر (حلوة) فِي المذاق وكل من الوصفين يمال لَهُ على انْفِرَاده فَكيف إِذا اجْتمعَا فالتأنيث وَاقع على التَّشْبِيه أَو التَّاء للْمُبَالَغَة (فَمن أَصَابَهُ بِحقِّهِ) أَي بِقدر حَاجته من الْحَلَال (بورك لَهُ فِيهِ وَرب متخوض) أَي متسارع ومتصرف (فِيمَا شَاءَت نَفسه) أَي فِيمَا أحبته والتذت بِهِ (من مَال الله وَرَسُوله لَيْسَ لَهُ) جَزَاء (يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا النَّار) أَي دُخُول جَهَنَّم وَهُوَ حكم مُرَتّب على الْوَصْف الْمُنَاسب وَهُوَ الْخَوْض فِي مَال الله تَعَالَى فَيكون مشعراً بالعلية وَهَذَا حث على الِاسْتِغْنَاء عَن النَّاس وذم السُّؤَال بِلَا ضَرُورَة (حم ت عَن خَوْلَة بنت قيس) بن فهر الْأَنْصَارِيَّة
(ان هَذِه الْأَخْلَاق) جمع خلق بِضَمَّتَيْنِ (من الله) أَي بِقَضَائِهِ وَتَقْدِيره (فَمن أَرَادَ الله بِهِ خيرا) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (منحه) أعطَاهُ (خلقا حسنا) ليدر عَلَيْهِ من ذَلِك الْخلق فعلا حسنا جميلاً (وَمن أَرَادَ بِهِ سوءا منحه خلقا سَيِّئًا) بِأَن يُقَابله بضدّ ذَلِك بِأَن يجبله على ذَلِك فِي بطن أمه أَو يصير لَهُ ملكه على التخلق بِهِ وَبِه يتَمَيَّز الْخَبيث من الطّيب فِي هَذِه - هوامش قَوْله بِفَتْح الْحَاء صَوَابه بِكَسْر الْحَاء
الصفحة 353