كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 1)

فموضع (أَنّ) خفض، من قول الكسائي، بإضمار الخافض. وموضعها، من قول الفراء: نصب بنزع الخافض.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الإختيار: لبيك إنَّ الحمد والنعمة لك، بكسر (إنّ) . وقال: هو أجود معنى من الفتح، لأن الذي يكسر (إن) ، يذهب إلى أن المعنى: إن الحمد والنعمة لك على كل حال. والذي يفتح (أن) ، يذهب إلى أن المعنى: لبيك لأن الحمد لك؛ أي: لبيك لهذا السبب. فالاختيار الكسر، لأن المعنى: لبيك لكل معنى، لا لسبب (187) دون سبب. قال أبو العباس: هذا بمنزلة قول النابغة (188) :
(فتِلْكَ تُبْلِغُني النعمانَ إنَّ له ... فضلاً على الناس في الأدنى وفي البَعَدِ) (199)
قال: يجوز فتح (ان) وكسرها: فَمَنْ كسرها جعلها ابتداء، ومَنْ فتحها أراد: فتلك تبلغني النعمان، لأن له فضلاً، وبأن له فضلاً؛ وقال: لا يجوز في بيت الأعشى (189) إلا الكسر:
(وَدِّعْ هريرةَ إنَّ الركبَ مرتحلُ ... وهل تطيقُ وداعاً أيُّها الرجلُ) (41 / ب) / لأنه ابتدأ إخباره فقال: إنّ الركب مرتحلٌ، ولم يرد: ودِّعها لارتحال الركب.
ويجوز: لَبَّيْكَ إن الحمدَ والنعمةُ لك، برفع النعمة، على أنْ تضمر لاماً تكون خبراً لأن، وترفع النعمة باللام الظاهرة. ويجوز أن تجعل اللام الظاهرة (190) خبر (إنّ) وترفع النعمة باللام المضمرة؛ والتقدير: لبيك إنَّ الحمدَ لك والنعمةُ لك.
__________
(187) ك: بسبب. وينظر: إعراب الحديث النبوي 116.
(188) ديوانه 13.
(189) ديوانه 41.
(190) من ل، ف، ر. وفي الأصل: الظاهر.

الصفحة 102