وقوله: ظلامون للجزر، قال أكثر أهل اللغة: معنى ظلمهم إياها أنهم ذبحوها من غير مرض ولا علة، [فجعلوا الذبح في غير موضعه ظلما] . وقال قوم: معنى الظلم في هذا البيت أنهم عرقبوها، فوضعوا النحر في غير موضعه.
والقول الأول هو الصحيح، لأنهم بعد أن يعرقبوها لا بُدَّ لهم من نحرها.
ومن الظلم قولهم (115) : مَنْ أَشْبَهَ أَباه فما ظَلَم (116) . [معناه: فما وضع الشبه في غير موضعه. قال الشاعر (117) :
(أقولُ كما قالَ قبلي عالِمٌ ... بهِنَّ ومَنَ أَشْبَهْ أَباهُ فما ظَلَمْ)
ويُروى: ومَنْ يُشْبِه أباه فما ظلم] . أراد: فما وضع الشبه في غير موضعه. (215)
ويقال: قد ظلم [الرجل] سقاءه: إذا سقاه قبل أن يخرج زُبْدُهُ. وقال الشاعر (118) :
(إلى معشرٍ لا يظلمونَ سقاءهم ... ولا يأكلونَ اللحمَ إلّا مُقَدَّدا)
وقال الآخر:
(وصاحبِ صدقٍ [لم] تنلني شَكاتُهُ ... ظلمتُ وفي ظلُمي له عامِداً أجْرُ) (119)
يعني وَطبَ اللبن، ومعنى (120) ظلمت: سقيته (121) قبل أن يخرج زبده.
ويقال: قد ظلم المطرُ أرضَ بني فلان: إذا أصابها في غير وقته. ويقال: قد ظلم الماء أرضَ بني فلان: إذا بلغ منها موضعاً لم يكن يبلغه. أنشد الفراء: /
(يكادُ يَطْلُعُ ظُلماً [ثم يمنعُهُ] ... عِزُّ الشواهقِ فالوادي به شَرِقُ) (122) (47 / أ)
__________
(115) ك: ومن ذلك قولهم من الظلم.
(116) أمثال أبي عكرمة 67، الفاخر 103 و 277، أمثال ابن رفاعة 106.
(117) كعب بن زهير، ديوانه 65 وفيه: أقول شبيهات بما قال عالما بهن ومن يشبه.. وينظر شرح المفضليات: 701.
(118) المعاني الكبير: 1 / 404.
(119) المعاني الكبير 1 / 404، الحيوان 1 / 331، مجالس ثعلب 85 من دون عزو.
(120) ك: ومعنى قوله
(121) ك، ق: سقيت.
(122) معاني القرآن: 1 / 397، وعنه تهذيب اللغة: 14 / 383، اللسان (ظلم) .