كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 1)

بك أن تتغير أمورنا، وتنتقض كنقض العمامة بعد كورها، وهو شدُّها. واحتجوا بأنَّ الحجاج بن يوسف (68) بعث رجلاً أميراً على جيش، ليقاتل الخوارج، ثم بعث / (11 / ب) به بعد مدة تحت لواء رجل آخر، فقال للحجاج: هذا الحور بعد الكور. فقال له الحجاج: وما الحور بعد الكور؟ قال: النقصان بعد الزيادة.
وقال آخرون: اللهم إنّا نعوذ بك من الحور بعد الكور، معناه: اللهم إنا نعوذ بك من الرجوع والخروج عن الجماعة، بعد أن كنا في الكور، وهو الاجتماع.
ويقال: قد كار الرجل عمامته على رأسه: إذا شدّها وجمعها، وحارها إذا: نقضها وأفسدها.
ورواه بعض أهل العلم: اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكون، بالنون، فسُئل عن معنى ذلك فقال: أما سمعتَ (69) قول العرب: حار بعدما كان. أي كان على [حال] جميلة فحار عنها، أي: رجع عنها. يقال: قد حار الرجل يحور حوراً: إذا رجع. من ذلك قول الله جل وعز: {إنّه ظَنَّ أنْ لَنْ يحورَ} (70) ، معناه: أن لن يرجع. قال لبيد (71) :
(وما المرءُ إلا كالشهابِ وضوئِهِ (72)
يحورُ رماداً بعدَ إذ هو ساطْعُ) (119)
أراد: يرجع رماداً. وقال الآخر (73) :
(أصبحتْ دارُنا قِفاراً خَلاءً ... بعدَ عدنانَ والإِلهُ مَحاري)
وقال عمران بن حطان (74) :
__________
(68) الحجاج بن يوسف الثقفي عامل عبد الملك بن مروان على العراق وخراسان، ت 95 هـ. (مروج الذهب 3 / 125، الأوائل 2 / 60 وفيات الأعيان 2 / 29) .
(69) ك: بلغت.
(70) الانشقاق 14.
(71) ديوانه 169. ولبيد بن ربيعة، من أصحاب المعلقات، أدرك الإسلام فأسلم، توفي 40 هـ (الشعر والشعراء 274، الأغاني 15 / 361، شرح شواهد المغني 152) .
(72) ك: وضوء.
(73) لم أهتد إليه.
(74) أخل به شعره. وعمران من شعراء الخوارج، ت 84 هـ. (المؤتلف والمختلف 125، الإصابة 5 / 302، الخزانة 2 / 436) .

الصفحة 25