كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 1)

(167 / ب) /
(فإنْ تكُ قد ساءتكِ مني خليقةٌ ... فسُلِّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ)
ففي الثياب هاهنا ثلاثة أقوال:
قال قوم: الثياب هاهنا كناية عن الأمر، والمعنى: اقطعي أمري من أمرك.
وقال قوم: الثياب كناية عن القلب. والمعنى: سلي قلبي من قلبك.
وقال قوم: هذا الكلام كناية عن الصريمة، كان الرجل يقول لامرأته: ثيابي من ثيابك حرام.
ومعنى البيت: إن كان فيَّ خلق لا ترضينه (170) فانصرفي.
ومعنى تنسل: تبين وتنقطع. تقول: قد نَسَلتِ السِنُّ تنسُل: إذا بانت وسقطت. وقد نَسَل نصل السهم: إذا بان منه وسقط. وقد نسل ريش الطائر، إذا سقط. ويقال للريش الساقط: النسيل، والنسال.
وقال كثير (171) في الرداء:
(غَمْرُ الرداءِ إذا تبسَّمَ ضاحكاً ... غَلِقَتْ لضَحْكتِهِ رِقابُ المالِ)
معناه: كثير العطاء. وقال الآخر (172) :
(أَجْلَ أنَّ الله [قد] فضّلكم ... فوقَ ما أَحكى بصُلْبٍ وإزارِ) (540)
أراد بالصُلْب: الحسب، وبالإزار: العفاف.
وقال الله عز وجل: {وثيابَكَ فطهّرْ} (173) ففيه غير قول:
أحدهن: أن يكون المعنى: لا تكن غادراً، فتدنس ثيابك، فإن الغادر دنس الثياب. هذا قول [ابن عباس (174) ] . وقال الشاعر (175) :
__________
(170) ك: الخلق لا ترتضينه.
(171) ديوانه 288. وينظر إصلاح المنطق: 42، وشرح القصائد السبع: 142.
(172) عدي بن زيد، ديوانه 94. ويروى: فوق من أحكأ صلبا بإزار. وأحكأ: أحكم الشد. وأجل: منصوب على نزع الخافض. ويروى: أجل، بكسر اللام، كما في تأويل مشكل القرآن 123.
(173) المدثر 4.
(174) تفسير الطبري 29 / 145. وهو نص كلام الفراء في المعاني 3 / 200.
(175) أنشده في إيضاح الوقف والابتداء: 63 لغيلان بن سلمة الثقفي وكذلك هو في تفسير الطبري 29 / 145.

الصفحة 432