كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 1)

والمعنى: أنهم كانوا إذا صدروا عن مِنىً، قام رجل من كنانة، يقال له: نُعيم بن ثعلبة فقال: أنا الذي لا أُعاب، ولا يُرد لي قضاء. فيقولون له: أَنْسِئنا شهراً، أي: أَخِّر عنا حُرْمَةَ المُحرَّم، فاجعلها في صفر. وذلك أنهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا يمكنهم الإِغارة فيها، لأن معاشهم (116) كان في (560) الإغارة. فيحلّ لهم المحرّم، ويُحرِّم عليهم صفراً. فإذا كان في السنة المقبلة حرم عليهم المحرم، وأحلّ لهم صفراً. فقال الله عز وجل: {إنما النسىءُ زيادةٌ في الكفر} قال الشاعر (117) :
(وكُنا الناسئين على مَعَدٍّ ... [شهورَهم الحرامَ إلى الحلالِ)
وقال الآخر (118) :
(ألسْنا الناسئينَ على مَعَدٍّ] ... شهورَ الحِلِّ نجعلُهَا حرامَا)
وقال الآخر (119) :
(نسأوا الشهورَ بها وكانوا أهلَها ... من قبلكم والعزُّ لم يتحوَلِ)
395 - وقولهم: جاءَ فلانُ بمُعْضِلَةٍ
(120)
قال أبو بكر: معناه: جاء بخصلة شديدة، وكلمة عظيمة لا يُهتدى (176 / أ) لمثلها، ولا يوقف على جوابها. من قول العرب: داء عُضال ومُعْضِلٌ: / إذا كان شديداً لا يُهتدى لدوائه، ولا يُوقف على علاجه.
قال الشاعر (121) :
(إذا هَبَطَ الحجّاجُ أرضاً مريضةً ... تتبَّعَ أَقْصَى دائِها فشفاها)
(شفاها من الداءِ العُضَالِ الذي بها ... غلامٌ إذا هزَّ القناةَ سقاها)
__________
(116) ك: لأن معايشهم كانت.
(117) بلا عزو في أمالي القالي 1 / 4 وفيه: إلى الحليل.
(118) عمير بن قيس بن جذل الطعان في اللسان (نسأ) ونسب إلى الكميت في القرطبي 8 / 138 وليس في شعره.
(119) بلا عزو في أمالي القالي 1 / 4. ونسبه البكري في اللآلي إلى أمية بن الأسكر، ثم قال: " وقيل إنه للشويعر ربيعة بن عبس الليثي ".
(120) اللسان والتاج (عضل) .
(121) ليلى الأخيلية. ديوانها 121.

الصفحة 452