كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 1)

408 - وقولهم: أفعل كذا على ما يسوءُه وينوءُه
(195)
/ قال أبو بكر: معناه: على ما يسوءُه ويميله ويثقله. قال الله عز وجل: (180 / ب) {وآتيناهُ من الكنوزِ ما إنّ مفاتِحَهُ لتنوءُ بالعُصْبَةِ أُولي القُوَّةِ} (196) فمعناه (197) : وإنّ مفاتحه لتُنِيءُ العصبة، أي: تثقلهم وتميلهم. فلما دخلت الباء في العصبة، انفتحت التاء، كما تقول: هو يَذهب بالأبصار، وهو يُذْهِب الأبصار. قال الفراء (198) : أنشدني بعض العرب في صفة قوس:
(حتى إذا ما التأَمَتْ مواصِلُهُ ... )
(وناءَ في شِقِّ الشِّمالِ كاهِلُهْ ... ) (199)
يعني الرامي، وأنه لمّا أخذ القوس ونزع مال عليها.
وقال الفراء: إنما حذفوا الألف فقالوا: على ما ساءه وناءه، ولم يقولوا: ساءه وأناءه، ليزدوج الكلام، فيكون: ناء، على مثال: ساء، كما قالوا: أكلت طعاماً فهنأني ومرأني، فلم يأتوا بالألف في: أمرأني، ليزدوج مع " هنأني ". ولو أفردوه، لأدخلوا فيه الألف، فقالوا: أمرأني الطعام، ولا يقولون: مرأني.
وقال أبو عبيدة (200) : معنى قوله: {ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة} : ما إنّ العصبةَ لتنوء بمفاتحه، فقدَّم وأَخَّر، كما قال الشاعر: (572)
(إنّ سراجاً لكريمٌ مَفْخَرُه ... )
(تحلى به العينُ إذا ما تَجْهَرُه ... ) (201)
أراد: يَحْلَى بالعينِ، فقدّم وأخّر. ومعنى قول أبي عبيدة: ما إنّ العصبة لتنوء بمفاتحه: / لتنهض بمفاتحه. يقال: نُؤْتُ (202) بالشيء: إذا نهضت به. (181 / أ)
__________
(195) إصلاح المنطق 147، أمثال أبي عكرمة 47.
(196) القصص 76.
(197) ك: معناه.
(198) معاني القرآن 2 / 310، وشرح الآية له أيضاً.
(199) بلا عزو في معاني القرآن 2 / 130. وفي الأصل: مفاصله. وما أثبتناه من سائر النسخ.
(200) مجاز القرآن 2 / 110.
(201) بلا عزو في معاني القرآن: 1 / 99، 131 و: 2 / 310 و: 3 / 273 والأضداد: 145.
(202) وهو من الأضداد، الأضداد 144.

الصفحة 463