كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 1)

والرجيم (147) فيه ثلاثة أقوال.
أحدهن: أن يكون معناه: المرجوم بالنجوم؛ فصرف عن المرجوم إلى الرجيم؛ كما (148) تقول العرب: طبيخ وقدير، والأصل: مطبوخ ومقدور؛ وكذلك: جريح وقتيل، أصلهما: مقتول ومجروح، فصرفا من مفعول إلى فعيل. قال امرؤ القيس (149) :
(فظلَّ طُهاةُ اللحمِ من بينِ مُنْضجٍ ... صفيفَ شِواءٍ أو قَديرٍ مُعَجَّلِ)
أراد: مقدور معجَّل، فصُرف عن مفعول إلى فعيل.
والوجه الثاني: أن يكون الرجيم: المرجوم، أي: المشتوم المسبوب. فيكون من قول الله عز وجل {لَئِنْ لم تَنْتَهِ لأَرجُمَنَّكَ} (150) معناه: لأشتمنك ولأسبنك.
ومنه الحديث الذي يُروى عن عبد الله بن مُغَفَّل (151) أنه أوصى بنيه عند موته، فقال: (لا تَرْجُموا قبري) (152) ، فمعناه: لا تنوحوا عند قبري. أي: لا تقولوا عنده كلاماً سيئاً سمجاً.
والوجه الثالث: أن يكون الرجيم: الملعون. وهو مذهب أهل التفسير. والملعون عند العرب: المطرود، / إذا قالت العرب: لعن الله فلاناً، فمعناه: (24 / أ) طرده الله. وكذلك: على الكافر لعنةُ اللهِ، فمعناه: عليه طَرْدُ الله (153) . أنشدنا أبو العباس.
__________
(147) ينظر: تهذيب اللغة: 11 / 69، والزينة 2 / 182.
(148) ك: كما قال تقول.
(149) ديوانه 22.
(150) مريم 46.
(151) صحابي، توفي سنة 57 أو 60 أو 61 هـ. (تهذيب التهذيب 6 / 42، الإصابة 4 / 242) .
(152) غريب الحديث 4 / 290 وفيه: (والمحدثون يقولون: لا ترجموا قبري، قال أبو عبيد: إنما هو: لا ترجموا) . وكذا في الصحاح (رجم) . وينظر: النهاية 2 / 205.
(153) ك: فمعناه طرده الله.

الصفحة 57