كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 1)

لا، لن أحدّثكم هنا عن عظمته، فاذهبوا فابحثوا عن تاريخه.
ثم انعطفت يساراً فدخلت زقاق الفخر الرازي، وفيه قبر له (ولهذا القبر قصة طريفة سأقصّها عليكم)، فمررت بين القبر وبين منزل الأديب الشاعر خليل مردم بك. وكم كانت لنا فيه من مجالس مع شيخنا عالم الشام الشيخ محمد بهجة البيطار وصديقنا (بل أستاذنا) العالم الأديب الشاعر عزّ الدين التنوخي وأستاذنا صاحب الدار، رحم الله الجميع، وأخوَيّ رفيقَي العمر، أنور العطّار الشاعر رحمه الله، والأستاذ سعيد الأفغاني سلّمه الله (¬1).
وجزت بها حتى وصلت إلى زاوية الزقاق، ومن هذه الزاوية يبدأ حديث اليوم.
* * *
في هذه الزاوية بقايا باب تدخل منه إلى دار صغيرة، تُفضي إلى صحن واسع جداً في صدره إيوان له قوس عالية جداً، وإلى جانبك واجهةُ قاعةٍ بعيدة الجنَبات رفيعة السقف. ولكنّ الدارَ مخرَّبةُ الجدران والقوسَ مهدّمةُ الأركان والأرضَ قد تحطّم بلاطها وتكسرت حجارتها، وفي وسطها بركة ما فيها ماء وليس عليها رواء، وحول الصحن غرف مهترئة الأبواب مخلَّعة النوافذ. والقاعة الكبيرة التي تمتدّ على نصف طول الصحن مملوءة هي والغرف بالبضائع، والحمّالون يدخلون ويخرجون يحملون
¬__________
(¬1) توفي -رحمه الله- بمكة سنة 1996 ودُفن فيها (مجاهد).

الصفحة 31