كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 1)

جئتَ تدعوني أن أملأ بالمِداد قلماً ما عاد يصلح للكتابة، وأنشر صحفاً بليت واصفرّت من طول الإهمال؟ ولئن قدرت على هذا ففعلتُه فمَن لي بأن تتّقد بين جوانحي النار التي خمدت، وتُبعَث في نفسي الحماسة التي ماتت؟
أبعدما ولّى الربيع وصوّح النبت جئت تطلب مني الزهر؟ من أين آتيك باللبن وشاتي قد جفّ ضرعها؟ أين مني الزهر وروضتي قد يبس زرعها؟
على أني لا أيأس، فلا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعها. فاقبل مني ما عندي، فهذا هو اليوم غاية جهدي.
* * *
وتعليق آخر:
قال الأخوان الأستاذان الناشران إني لو أعلنت رقم هاتفي لما تركني السائلون ساعة في الأربع والعشرين ساعة.
يا سيدَيّ الكريمَين، إني لم أعلن رقم الهاتف ولكن قد كان الذي صوّرتماه. وطالما رجوت أن ينحصر سؤال السائلين بين العصر والمغرب فما استُجيب رجائي. إني لا أكتم شيئاً من علمي القليل ولا أضنّ بمشورة على من يثق بي ويستشيرني، ولكن طاقة المرء محدودة و «الصبر له حدود» كما تقول الأغنية.
* * *
وبعد، فلقد طال الوقوف على الباب، فتفضّلوا بالدخول؛

الصفحة 42