كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

الطبقتين على سَبِيل الِاسْتِيعَاب وَيخرج أَحَادِيث أهل الطَّبَقَة الثَّالِثَة على النَّحْو الَّذِي يصنعه البُخَارِيّ فِي الثَّانِيَة وَأما الرَّابِعَة وَالْخَامِسَة فَلَا يعرجان عَلَيْهِمَا قلت وَأكْثر مَا يخرج البُخَارِيّ حَدِيث الطَّبَقَة الثَّانِيَة تَعْلِيقا وَرُبمَا أخرج الْيَسِير من حَدِيث الطَّبَقَة الثَّالِثَة تَعْلِيقا أَيْضا وَهَذَا الْمِثَال الَّذِي ذَكرْنَاهُ هُوَ فِي حق المكثرين فيقاس على هَذَا أَصْحَاب نَافِع وَأَصْحَاب الْأَعْمَش وَأَصْحَاب قَتَادَة وَغَيرهم فَأَما غير المكثرين فَإِنَّمَا اعْتمد الشَّيْخَانِ فِي تَخْرِيج أَحَادِيثهم على الثِّقَة وَالْعَدَالَة وَقلة الخطا لَكِن مِنْهُم من قوي الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ فاخرجا مَا تفرد بِهِ كيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَمِنْهُم من لم يقو الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ فأخرجا لَهُ مَا شَاركهُ فِيهِ غَيره وَهُوَ الْأَكْثَر وَقَالَ الإِمَام أَبُو عَمْرو بن الصّلاح فِي كِتَابه فِي عُلُوم الحَدِيث فِيمَا أخبرنَا بِهِ أَبُو الْحسن بن الْجَوْزِيّ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الشَّافِعِي عَنهُ سَمَاعا قَالَ أول من صنف فِي الصَّحِيح البُخَارِيّ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وتلاه أَبُو الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج الْقشيرِي وَمُسلم مَعَ أَنه أَخذ عَن البُخَارِيّ واستفاد مِنْهُ فَإِنَّهُ يُشَارك البُخَارِيّ فِي كثير من شُيُوخه وكتاباهما أصح الْكتب بعد كتاب الله الْعَزِيز وَأما مَا روينَاهُ عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ مَا أعلم فِي الأَرْض كتابا فِي الْعلم أَكثر صَوَابا من كتاب مَالك قَالَ وَمِنْهُم من رَوَاهُ بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ يَعْنِي بِلَفْظ أصح من الْمُوَطَّأ فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك قبل وجود كتابي البُخَارِيّ وَمُسلم ثمَّ أَن كتاب البُخَارِيّ أصح الْكِتَابَيْنِ صَحِيحا واكثرهما فَوَائِد وَأما مَا روينَاهُ عَن أبي على الْحَافِظ النَّيْسَابُورِي أستاذ الْحَاكِم أبي عبد الله الْحَافِظ من أَنه قَالَ مَا تَحت أَدِيم السَّمَاء كتاب أصح من كتاب مُسلم بن الْحجَّاج فَهَذَا وَقَول من فضل من شُيُوخ الْمغرب كتاب مُسلم على كتاب البُخَارِيّ إِن كَانَ المُرَاد بِهِ أَن كتاب مُسلم يتَرَجَّح بِأَنَّهُ لم يمازجه غير الصَّحِيح فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بعد خطبَته الا الحَدِيث الصَّحِيح مسرودا غير ممزوج بِمثل مَا فِي كتاب البُخَارِيّ فِي تراجم أبوابه من الْأَشْيَاء الَّتِي لم يسندها على الْوَصْف الْمَشْرُوط فِي الصَّحِيح فَهَذَا لَا بَأْس بِهِ وَلَيْسَ يلْزم مِنْهُ أَن كتاب مُسلم أرجح فِيمَا يرجع إِلَى نفس الصَّحِيح على كتاب البُخَارِيّ وَإِن كَانَ المُرَاد بِهِ أَن كتاب مُسلم أصح صَحِيحا فَهَذَا مَرْدُود على من يَقُوله وَالله أعلم انْتهى كَلَامه وَفِيه أَشْيَاء تحْتَاج إِلَى أَدِلَّة وَبَيَان فقد اسْتشْكل بعض الْأَئِمَّة إِطْلَاق اصحية كتاب البُخَارِيّ على كتاب مَالك مَعَ اشتراكهما فِي اشْتِرَاط الصِّحَّة وَالْمُبَالغَة فِي التَّحَرِّي والتثبت وَكَون البُخَارِيّ أَكثر حَدِيثا لَا يلْزم مِنْهُ أَفضَلِيَّة الصِّحَّة وَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن ذَلِك مَحْمُول على أصل اشْتِرَاط الصِّحَّة فمالك لَا يرى الِانْقِطَاع فِي الْإِسْنَاد قادحا فَلذَلِك يخرج الْمَرَاسِيل والمنقطعات والبلاغات فِي أصل مَوْضُوع كِتَابه وَالْبُخَارِيّ يرى أَن الِانْقِطَاع عِلّة فَلَا يخرج مَا هَذَا سَبيله الا فِي غير أصل مَوْضُوع كِتَابه كالتعليقات والتراجم وَلَا شكّ أَن الْمُنْقَطع وَأَن كَانَ عِنْد قوم من قبيل مَا يحْتَج بِهِ فالمتصل أقوى مِنْهُ إِذا اشْترك كل من رواتهما فِي الْعَدَالَة وَالْحِفْظ فَبَان بذلك شفوف كتاب البُخَارِيّ وَعلم أَن الشَّافِعِي إِنَّمَا أطلق على الْمُوَطَّأ أَفضَلِيَّة الصِّحَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجَوَامِع الْمَوْجُودَة فِي زَمَنه كجامع سُفْيَان الثَّوْريّ ومصنف حَمَّاد بن سَلمَة وَغير ذَلِك وَهُوَ تَفْضِيل مُسلم لَا نزاع فِيهِ وَاقْتضى كَلَام بن الصّلاح أَن الْعلمَاء متفقون على القَوْل بأفضلية البُخَارِيّ فِي الصِّحَّة على كتاب مُسلم الا مَا حَكَاهُ عَن أبي على النَّيْسَابُورِي من قَوْله الْمُتَقَدّم وَعَن بعض شُيُوخ المغاربة أَن كتاب مُسلم أفضل من كتاب البُخَارِيّ من غير تعرض للصِّحَّة فَنَقُول روينَا بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيح عَن أبي عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ وَهُوَ شيخ أبي على النَّيْسَابُورِي أَنه قَالَ مَا فِي هَذِه الْكتب كلهَا أَجود من كتاب مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَالنَّسَائِيّ لَا يَعْنِي بالجودة الا جودة الْأَسَانِيد كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر إِلَى الْفَهم من
[1] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ عِيسَى مَنْسُوبٌ إِلَى حُمَيْدِ بْنِ أُسَامَةَ بَطْنٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ رَهْطِ خَدِيجَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَمِعُ مَعَهَا فِي أَسَدٍ وَيَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُصَيٍّ وَهُوَ إِمَامٌ كَبِيرٌ مُصَنِّفٌ رَافَقَ الشَّافِعِيَّ فِي الطَّلَبِ عَنِ بن عُيَيْنَةَ وَطَبَقَتِهِ وَأَخَذَ عَنْهُ الْفِقْهَ وَرَحَلَ مَعَهُ إِلَى مِصْرَ وَرَجَعَ بَعْدَ وَفَاتِهِ إِلَى مَكَّةَ إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ امْتَثَلَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا قُرَيْشًا فَافْتَتَحَ كِتَابَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ لِكَوْنِهِ أَفْقَهَ قُرَشِيٍّ أَخَذَ عَنْهُ وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ أُخْرَى لِأَنَّهُ مَكِّيٌّ كَشَيْخِهِ فَنَاسَبَ أَنْ يُذْكَرَ فِي أَوَّلِ تَرْجَمَةِ بَدْءِ الْوَحْيِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ كَانَ بِمَكَّةَ وَمِنْ ثَمَّ ثَنَّى بِالرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ لِأَنَّهُ شَيْخُ أَهْلِ الْمَدِينَةَ وَهِيَ تَالِيَةٌ لِمَكَّةَ فِي نُزُولِ الْوَحْيِ وَفِي جَمِيع الْفضل وَمَالك وبن عُيَيْنَةَ قَرِينَانِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْلَاهُمَا لَذَهَبَ الْعِلْمُ من الْحجاز قَوْله حَدثنَا سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ الْهِلَالِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ أَصْلُهُ وَمَوْلِدُهُ الْكُوفَةُ وَقَدْ شَارَكَ مَالِكًا فِي كَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِهِ وَعَاشَ بَعْدَهُ عِشْرِينَ سَنَةً وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ سَبْعِينَ مِنَ التَّابِعِينَ قَوْلُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ اسْمُ جَدِّهِ قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ صَحَابِيٌّ وَيَحْيَى مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَشَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدٍ التَّيْمِيُّ مِنْ أَوْسَاطِ التَّابِعِينَ وَشَيْخُ مُحَمَّدٍ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ مِنْ كِبَارِهِمْ فَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ وَفِي الْمَعْرِفَةِ لِابْنِ مَنْدَهْ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ عَلْقَمَةَ صَحَابِيٌّ فَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ فِيهِ تابعيان وصحابيان يَكُونُ قَدِ اجْتَمَعَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَكْثَرُ الصِّيَغِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْمُحَدِّثُونَ وَهِيَ التَّحْدِيثُ وَالْإِخْبَارُ وَالسَّمَاعُ وَالْعَنْعَنَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي إِدْخَالِهِ حَدِيثَ الْأَعْمَالِ هَذَا فِي تَرْجَمَةِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ أَصْلًا بِحَيْثُ إِنَّ الْخَطَّابِيَّ فِي شَرْحِهِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ أَخْرَجَاهُ قَبْلَ التَّرْجَمَةِ لِاعْتِقَادِهِمَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَوْرَدَهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ فَقَطْ وَاسْتَصْوَبَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ صَنِيعَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي ذَلِك وَقَالَ بن رَشِيدٍ لَمْ يَقْصِدِ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِهِ سِوَى بَيَانِ حُسْنِ نِيَّتِهِ فِيهِ فِي هَذَا التَّأْلِيفِ وَقَدْ تُكُلِّفَتْ مُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ فَقَالَ كُلٌّ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ انْتَهَى وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَهُ مَقَامَ الْخُطْبَةِ لِلْكِتَابِ لِأَنَّ فِي سِيَاقِهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ فَإِذَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ فِي خُطْبَةِ الْمِنْبَر صلح أَن يكون فِي خطْبَة الْكتاب وَحَكَى الْمُهَلَّبُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بِهِ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا فَنَاسَبَ إِيرَادَهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ كَانَتْ كَالْمُقَدِّمَةِ لَهَا لِأَنَّ بِالْهِجْرَةِ افْتُتِحَ الْإِذْنُ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَيَعْقُبُهُ النَّصْرُ وَالظَّفَرُ وَالْفَتْحُ انْتَهَى وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّنِي لَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بِهِ أَوَّلَ مَا هَاجَرَ مَنْقُولًا وَقَدْ وَقَعَ فِي بَابِ تَرْكِ الْحِيَلِ بِلَفْظِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ الْحَدِيثَ فَفِي هَذَا إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ أَمَّا كَوْنُهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ قُدُومِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ أَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ قَائِلَهُ اسْتَنَدَ إِلَى مَا رُوِيَ فِي قصَّة مهَاجر أم قيس قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ نَقَلُوا أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ فَضِيلَةَ الْهِجْرَةِ وَإِنَّمَا هَاجَرَ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تُسَمَّى أُمَّ قَيْسٍ فَلِهَذَا خُصَّ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْمَرْأَةِ دُونَ سَائِرِ مَا يُنْوَى بِهِ انْتَهَى وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَمْ يَسْتَلْزِمِ الْبَدَاءَةَ بِذِكْرِهِ أَوَّلَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَقِصَّةُ مُهَاجِرِ أُمِّ قَيْسٍ رَوَاهَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ بن مَسْعُودٍ قَالَ مَنْ هَاجَرَ يَبْتَغِي شَيْئًا فَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ هَاجَرَ رَجُلٌ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قَيْسٍ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ كَانَ فِينَا رَجُلٌ خَطَبَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قَيْسٍ فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ حَتَّى يُهَاجِرَ فَهَاجَرَ فَتَزَوَّجَهَا فَكُنَّا نُسَمِّيهِ مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ حَدِيثَ الْأَعْمَالِ سِيقَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ مَا يَقْتَضِي التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَلَوْ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ إِقَامَتَهُ مَقَامَ الْخُطْبَةِ فَقَط إِذْ الِابْتِدَاءَ بِهِ تَيَمُّنًا وَتَرْغِيبًا فِي الْإِخْلَاصِ لَكَانَ سِيَاقه قَبْلَ التَّرْجَمَةِ كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ بن بَطَّالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّجَّارِ قَالَ التَّبْوِيبُ يَتَعَلَّقُ بِالْآيَةِ وَالْحَدِيثِ مَعًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخلصين لَهُ الدّين

الصفحة 10