كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

شَعَائِر الله جمع شعيرَة أَي عَلامَة وَمِنْه الْمشعر الْحَرَام ومشاعر الْحَج قَوْله ثمَّ لم أشعر أَي لم أعلم وَمِنْه قَوْلهم لَيْت شعري وَقَوله فشق من قصه إِلَى شعرته بِكَسْر الشين أَي شعر عانته قَوْله أشعرنها إِيَّاه أَي ألففنها فِيهِ واجعلنه مِمَّا يَلِي جَسدهَا مَأْخُوذ من الشعار وَهُوَ مَا يَلِي الْجَسَد وَمِنْه قَوْله للْأَنْصَار شعار وأشعار وأشعار الْبدن أَن يشق أحد جنبتي السنام حتي يسيل الدَّم وَيجْعَل ذَلِك عَلامَة لَهَا يعرف بهَا أَنَّهَا هدى قَوْله رب الشعرى قَالَ هُوَ مرزم الجوزاء وَقَالَ غَيره الشعرى يُقَال لنجمين فِي السَّمَاء أَحدهمَا العبور لِأَنَّهَا عبرت المجرة وَلَيْسَ فِي السَّمَاء نجم يقطعهَا عرضا غَيره وَالْآخر الغميصاء لِأَنَّهَا لَا تتوقد توقد العبور وَكَانَ أَبُو كَبْشَة الْخُزَاعِيّ يَعْبُدهَا فَأنْزل الله فِي تَكْذِيبه وَتَكْذيب من تَابعه وَأَنه هُوَ رب الشعرى أَي رب النَّجْم الَّذِي كَانُوا يعْبدُونَ قَوْله شعف الْجبَال أَي رؤوسها وأطرافها وَقَالَ فِي التَّفْسِير وَقَوله شعفها حبا بِالْمُهْمَلَةِ من المشعوف وَلم يرد أَي فِي الْقُرْآن وَالْعرب تَقول فلَان مشعوف بفلانه أَي برح بِهِ حبها وَأما بِالْمُعْجَمَةِ فَيُقَال لصق بقلبي وداخله والشغاف حجاب الْقلب وَقَالَ أَبُو عبيد المشغوف بِالْمُعْجَمَةِ الَّذِي بلغ حبه شغَاف قلبه وبالمهملة الَّذِي خلص الْحبّ إِلَى قلبه فأحرقه قَوْله وَاشْتَدَّ اشْتِغَال الْقِتَال وَقَوله اشتعلت وشب ضرامها أَي عظم أمرهَا وَقَوله يَتبعني بشعلة من نَار الشعلة بِالضَّمِّ مَا اتَّخذت فِيهِ النَّار والتهبت فِيهِ قَوْله رجل مشعان بِضَم أَوله وَتَشْديد النُّون أَي منتفش الشّعْر وَقَالَ فِي الأَصْل مشعان أَي طَوِيل جدا فَوق الطَّوِيل فصل ش غ قَوْله نهى عَن الشّغَار فسره فِي الحَدِيث قيل أَصله من رفع الرجل وكنى بذلك عَن النِّكَاح وَقيل أصل الشغر الْبعد وَقيل الاتساع قَوْله يشغلهم بِفَتْح الْغَيْن من الشّغل ضد الْفَرَاغ فصل ش ف قَوْله وَأخذ الشَّفْرَة أَي السكين وشفرة السَّيْف حَده وشفير جَهَنَّم حرفها وشفير الْوَادي طرفه وشفير الْعين منبت شعر الجفن قَوْله يشفع الْأَذَان أَي يَقُوله زوجا زوجا وَمِنْه قَامَ فِي الشفع وَإِن كَانَ صلى خمْسا شفعن لَهُ صلَاته وشفعها بالسجدتين وَمِنْه الشفع وَالْوتر قَالَ القتيبي الشفع الزَّوْج وَالْوتر الْوَاحِد وَأما فِي الْآيَة فَعَن مُجَاهِد الْوتر الله وَالشَّفْع جَمِيع الْخلق وَقَالَ غَيره الْوتر يَوْم عَرَفَة وَالشَّفْع أَيَّام الْعشْر وَقيل أَيَّام النَّحْر وَقيل الْوتر آدم شفع بحواء وَقَالَ ثَعْلَب الشُّفْعَة بِالضَّمِّ اشتقاقها من الزِّيَادَة لِأَنَّهُ يضم مَا شفع فِيهِ إِلَيّ نصِيبه والشفاعة الرَّغْبَة لزيادته فِي الرَّغْبَة وشفع أول كَلَامه بِآخِرهِ قَوْله وَلَا تشفوا بَعْضهَا على بعض بِضَم التَّاء أَي لَا تفضلوا وتزيد وَاو الشف بِالْكَسْرِ الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَهُوَ من الأضداد والشف بِالْفَتْح اسْم الْفِعْل وَيُقَال للثوب الرَّقِيق الَّذِي يظْهر مَا وَرَاءه شف بِكَسْر أَوله وَمِنْه جَوْهَر شفاف قَوْله شف هَذَا على هَذَا أَي زَاد قَوْله وَإِذا شرب اشتف أَي استقصى هَذَا على رَأْي من رَوَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ قَوْله غَابَ الشَّفق هِيَ الْحمرَة الَّتِي تبقى بعد مغيب الشَّمْس وَهِي بَقِيَّة شعاعها وَقيل الشَّفق الْبيَاض الَّذِي يبْقى بعد الْحمرَة قَوْله أشْفق أَبُو بكر أَي خَافَ قَوْله شافهني أَي كلمني بِغَيْر وَاسِطَة قَوْله مَا شفيتني أَي مَا بلغت مرادي والشفاء الدَّوَاء وَمِنْه هجاهم حسان فشفى واشتفى والشفاء أَيْضا الرَّاحَة قَوْله اشفيت مِنْهُ أَي أشرفت على التّلف قَوْله شفا حُفْرَة قَالَ فِي الأَصْل مثل شفا الرَّكية وَهُوَ حرفها
الصَّوْمَ وَغَيْرَهُ لِدُخُولِ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ قُلْتُ زِيَادَةُ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَقَعَتْ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْمَذْكُورِ وَلَهُ فِي الْأَحْكَامِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَلَقَّنَنِي فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَالنُّصْحِ لكل مُسلم وَرَوَاهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَدِّهِ وَزَادَ فِيهِ فَكَانَ جَرِيرٌ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ بَاعَ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ اعْلَمْ أَنَّ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاكَهُ فَاخْتَرْ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي تَرْجَمته أَن غُلَامه اشْترى لَهُ فرسا بثلثمائة فَلَمَّا رَآهُ جَاءَ إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ إِنَّ فَرَسَكَ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَزِيدُهُ حَتَّى أَعْطَاهُ ثَمَانَمِائَةٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَانَتْ مُبَايَعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ بِحَسَبِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ تَجْدِيدِ عَهْدٍ أَوْ تَوْكِيدِ أَمْرٍ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ وَقَوْلُهُ فِيمَا اسْتَطَعْتُ رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا وَتَوْجِيهُهُمَا وَاضِحٌ وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ اللَّازِمَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَايَعِ عَلَيْهَا هُوَ مَا يُطَاقُ كَمَا هُوَ الْمُشْتَرَطُ فِي أَصْلِ التَّكْلِيفِ وَيُشْعِرُ الْأَمْرُ بِقَوْلِ ذَلِكَ اللَّفْظِ حَالَ الْمُبَايَعَةِ بِالْعَفْوِ عَنِ الْهَفْوَةِ وَمَا يَقَعُ عَنْ خَطَأٍ وَسَهْوٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[58] قَوْلُهُ سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْمُوعُ مِنْ جَرِيرٍ حَمْدَ اللَّهِ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ فَالتَّقْدِيرُ سَمِعْتُ جَرِيرًا حَمِدَ اللَّهَ وَالْبَاقِي شَرْحٌ لِلْكَيْفِيَّةِ قَوْلُهُ يَوْمَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ كَانَ الْمُغِيرَةُ وَالِيًا عَلَى الْكُوفَةِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَاسْتَنَابَ عِنْدَ مَوْتِهِ ابْنَهُ عُرْوَةَ وَقِيلَ اسْتَنَابَ جرير الْمَذْكُورَ وَلِهَذَا خَطَبَ الْخُطْبَةَ الْمَذْكُورَةَ حَكَى ذَلِكَ الْعَلَائِيُّ فِي أَخْبَارِ زِيَادٍ وَالْوَقَارُ بِالْفَتْحِ الرَّزَانَةُ وَالسَّكِينَةُ السُّكُونُ وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ مُقَدِّمًا لِتَقْوَى اللَّهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ وَفَاةَ الْأُمَرَاءِ تُؤَدِّي إِلَى الِاضْطِرَابِ وَالْفِتْنَةِ وَلَا سِيَّمَا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِذْ ذَاكَ مِنْ مُخَالَفَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ قَوْلُهُ حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ أَيْ بَدَلَ الْأَمِيرِ الَّذِي مَاتَ وَمَفْهُومُ الْغَايَةِ هُنَا وَهُوَ أَن الْمَأْمُور بِهِ ينتهى بمجيء مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ قَوْلُهُ الْآنَ أَرَادَ بِهِ تَقْرِيبَ الْمُدَّةِ تَسْهِيلًا عَلَيْهِمْ وَكَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ الْمُغِيرَةِ كَتَبَ إِلَى نَائِبِهِ عَلَى الْبَصْرَةِ وَهُوَ زِيَادٌ أَنْ يَسِيرَ إِلَى الْكُوفَةِ أَمِيرًا عَلَيْهَا قَوْلُهُ اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ أَيِ اطْلُبُوا لَهُ الْعَفْوَ مِنَ اللَّهِ كَذَا فِي مُعظم الرِّوَايَات بِالْعينِ الْمُهْملَة وَفِي رِوَايَة بن عَسَاكِر اسْتَغْفرُوا بغين مُعْجمَة وَزِيَادَة رَآهُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي الْمُسْتَخْرَجِ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعَفْوَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْجَزَاءَ يَقَعُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ قَوْلُهُ قُلْتُ أُبَايِعُكَ تَرَكَ أَدَاةَ الْعَطْفِ إِمَّا لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ أَتَيْتُ أَوِ اسْتِئْنَافٌ قَوْلُهُ وَالنُّصْحِ بِالْخَفْضِ عَطْفًا عَلَى الْإِسْلَامِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرِ أَيْ شَرَطَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالنَّصِيحَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ شَفَقَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ عَلَى هَذَا أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ قَوْلُهُ وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ خُطْبَتَهُ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ

الصفحة 139