كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)
الْوَفَاء أَي خلقه وطبعه قَوْله شَأْنه أَي عابه والشين ضد الزين قَوْله فِي شيع الْأَوَّلين أَي الْإِثْم والشيع وَالْأَنْصَار والأولياء والطوائف وَمِنْه أَو يلْبِسكُمْ شيعًا أَي فرقا قَوْله لاشية فِيهَا أَي لَا بَيَاض قَالَه أَبُو الْعَالِيَة وَقيل كل لون يُخَالف مُعظم الألوان فَهُوَ شية وَيُطلق على الْعَلامَة حرف الضَّاد الْمُهْملَة
(
فصل ص ب)
قَوْله صبأنا بِالْهَمْز وَقد يسهل وَقَوله الصَّابِئ كَذَلِك والصباة من همز قَالَه بِوَزْن كفرة وَمن لم يهمز قَالَه بِوَزْن رُمَاة وَمَعْنَاهُ الْخُرُوج من دين إِلَى دين فَأَما الصابئون فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة هم فرقة من أهل الْكتاب وَقيل من النَّصَارَى تخالفهم إِلَى أَشْيَاء من الْيَهُودِيَّة فكأنهم خَرجُوا من الدينَيْنِ إِلَى ثَالِث وهم يَزْعمُونَ أَنهم على شَرِيعَة نوح أَو إِدْرِيس أَو إِبْرَاهِيم وَمِنْهُم من يعبد الْكَوَاكِب أَو الْمَلَائِكَة قَوْله انصبت قدماء أَي انحدرت قَوْله مصبح فِي أَهله أَي يُؤْتى وَقت صَلَاة الصُّبْح فَيسلم عَلَيْهِ وصبحنا خَيْبَر بِالتَّخْفِيفِ والتثقيل أتيناها صباحا قَوْله صبح رَابِعَة بِضَم أَوله وَيجوز كَسره قَوْله يَا صَبَاحَاه كلمة تقال عِنْد هجوم الْعَدو وَخص هَذَا الْوَقْت لِأَنَّهُ كَانَ الْأَغْلَب لوقت الْغَارة فَكَأَن الْمَعْنى جَاءَ وَقت الْقِتَال فتأهبوا وَقَوله اصطبح أَي شرب صباحا وَمثله الصبوح وضده الغبوق وَقَوْلها أتصبح أَي أَنَام أول النَّهَار قَوْله أصبحي سراجك أَي أوقديه والمصباح السراج لِأَنَّهُ يطْلب بِهِ الضياء قَوْله قَتله صبرا وَقَوله أَن تصبر الْبَهَائِم وَقَوله وَلَا تصبر يَمِينه كُله من الْحَبْس والقهر فَفِي الْأَيْمَان الْإِجْبَار عَلَيْهَا وَفِي الْبَهَائِم نصبها للرمي وَفِي الْقَتْل ظَاهر وأصل الصَّبْر الثَّبَات وَقَوله أَصْبِر على أَذَى أَي أَشد حلما وَقَوله الصُّبْرَة من الطَّعَام مَا جمع من الْحبّ بِلَا كيل قَوْله قرظ مصبور مَعْنَاهُ مُجْتَمع على الأَرْض بعضه على بعض قَوْله صبغة الله أَي دينه قَوْله أصيبغ من قُرَيْش كَذَا لبَعْضهِم بِالْمُهْمَلَةِ والغين الْمُعْجَمَة وَعكس آخَرُونَ وَالْأول مَعْنَاهُ أسود كَأَنَّهُ عيره بلونه وَالثَّانِي كَأَنَّهُ تَصْغِير ضبع على غير قِيَاس وَقَالَ لَهُ ذَلِك تحقيرا لَهُ وَهُوَ أشبه بمساق الْكَلَام لقَوْله بعد وَتَدَع أسدا قَوْله الصبية بِكَسْر أَوله وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة جمع صبي وَالصبيان بِكَسْر أَوله وَيجوز ضمه وَالصبَا بِكَسْر أَوله الصغر وَيجوز الْمَدّ فِيهِ وَقَوله نصرت بالصبا بِفَتْح أَوله مَقْصُور الرّيح الَّتِي تهب من مطلع الشَّمْس فصل ص ح قَوْله لَا يُورد ممرض على مصح أَي ذُو إبل مَرِيضَة على ذِي إبل صَحِيحَة وَرَاء يُورد وممرض وصاد مصح مكسورات قَالَ بن القطاع أصح الْقَوْم سلمت إبلهم من العاهة وَذَلِكَ مَخَافَة مَا يَقع فِي النُّفُوس من اعْتِقَاد الْعَدْوَى الَّتِي نَفَاهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسما للمادة وجودا واعتقادا وأبطلها شرعا وطبعا قَالَه عِيَاض قَوْله فِي صحفتها أَي الْقَصعَة وَقيل هِيَ أَصْغَر فصل ص خَ قَوْله وَكثر عِنْده الصخب أَي اخْتِلَاط الْأَصْوَات وَمِنْه قَوْله وَلَا صخب فِيهَا وَقَوله لَيْسَ بصخاب وَقَوله يصخب عَلَيْهِ قَوْله الصاخة أَي الصَّيْحَة الَّتِي تكون عَنْهَا الْقِيَامَة تصخ الأسماع تصمها فصل ص د قَوْله يصد هَذَا أَي يعرض ويهجر وَقَوله صددت عَن الْبَيْت أَي منعت عَن الْوُصُول إِلَيْهِ وَمِنْه إِنَّهُم صادوك وَلَا يصدنكم قَوْله صديد هُوَ اللَّحْم الْمُخْتَلط بِالدَّمِ وَقيل هُوَ قيح وَدم قَوْله
(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ)
مُحَصَّلُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَدَبِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ أَمَّا الْعَالِمُ فَلِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ تَرْكِ زَجْرِ السَّائِلِ بل أدبه بالاعراض عَنهُ أَو لَا حَتَّى اسْتَوْفَى مَا كَانَ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى جَوَابِهِ فَرَفَقَ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَعْرَابِ وهم جُفَاة وَفِيه الْعِنَايَة بِجَوَاب سُؤَالِ السَّائِلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ السُّؤَالُ مُتَعَيِّنًا وَلَا الْجَوَابُ وَأَمَّا الْمُتَعَلِّمُ فَلِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ أَدَبِ السَّائِلِ أَنْ لَا يَسْأَلَ الْعَالِمَ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِغَيْرِهِ لِأَنَّ حَقَّ الْأَوَّلِ مُقَدَّمٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَخْذُ الدُّرُوسِ عَلَى السَّبْقِ وَكَذَلِكَ الْفَتَاوَى وَالْحُكُومَاتِ وَنَحْوُهَا وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْعَالِمِ إِذَا لَمْ يَفْهَمْ مَا يُجِيبُ بِهِ حَتَّى يَتَّضِحَ لِقَوْلِهِ كَيفَ اضاعتها وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بن حِبَّانَ إِبَاحَةَ إِعْفَاءِ الْمَسْئُولِ عَنِ الْإِجَابَةِ عَلَى الْفَوْرِ وَلَكِنَّ سِيَاقَ الْقِصَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِلْمَ سُؤَالٌ وَجَوَابٌ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا فِي الْخُطْبَةِ فَقَالُوا لَا نَقْطَعُ الْخُطْبَةَ لِسُؤَالِ سَائِلٍ بَلْ إِذَا فَرَغَ نُجِيُبُهُ وَفَصَلَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ وَاجِبَاتِهَا فَيُؤَخِّرُ الْجَوَابُ أَوْ فِي غَيْرِ الْوَاجِبَاتِ فَيُجِيبُ وَالْأَوْلَى حِينَئِذٍ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُهْتَمُّ بِهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَلَا سِيَّمَا إِنِ اخْتَصَّ بِالسَّائِلِ فَيُسْتَحَبُّ إِجَابَتُهُ ثُمَّ يُتِمُّ الْخُطْبَةَ وَكَذَا بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُؤَخَّرُ وَكَذَا قَدْ يَقَعُ فِي أَثْنَاءِ الْوَاجِبِ مَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْجَوَابِ لَكِنْ إِذَا أَجَابَ اسْتَأْنَفَ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَتْ مَعْرِفَتُهَا عَلَى الْفَوْرِ مُهِمَّةً فَيُؤَخَّرُ كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ تَرْكُ السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ أَوْلَى وَقَدْ وَقَعَ نَظِيرُهُ فِي الَّذِي سَأَلَ عَنِ السَّاعَةِ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَأَجَابَهُ أَخْرَجَاهُ وَإِنْ كَانَ السَّائِلُ بِهِ ضَرُورَةٌ نَاجِزَةٌ فَتُقَدَّمَ إِجَابَتُهُ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي رِفَاعَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ رَجُلٌ غَرِيبٌ لَا يَدْرِي دِينَهُ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ فَتَرَكَ خُطْبَتَهُ وَأَتَى بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ فَجَعَلَ يُعَلِّمُهُ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا وَكَمَا فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الضَّبِّ وَكَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قصَّة سَالم لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ أَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَتِ الصَّلَاةُ تُقَامُ فَيَعْرِضُ الرَّجُلُ فَيُحَدِّثُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رُبَّمَا نَعَسَ بَعْضُ الْقَوْمِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ وُقُوعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ
[59] قَوْلُهُ فليح بِصِيغَة التصغير هُوَ بن سُلَيْمَانَ أَبُو يَحْيَى الْمَدَنِيُّ مِنْ طَبَقَةِ مَالِكٍ وَهُوَ صَدُوقٌ تَكَلَّمَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فِي حِفْظِهِ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ فِي الْأَحْكَامِ إِلَّا مَا تُوبِعَ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ لَهُ فِي الْمَوَاعِظِ وَالْآدَابِ وَمَا شَاكَلَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَفْرَادِهِ وَهَذَا مِنْهَا وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ عَالِيًا عَنْ فُلَيْحٍ بِوَاسِطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فَقَطْ ثُمَّ أَوْرَدَهُ نَازِلًا بِوَاسِطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فَقَطْ فَأَرَادَ أَنْ يُعِيدَ هُنَا طَرِيقًا أُخْرَى وَلِأَجْلِ نُزُولِهَا قَرَنَهَا بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ يُقَالُ لَهُ هِلَالُ بْنُ أَبِي
الصفحة 142
500